للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عمر المعير أجلا معلوما أو مجهولا، أو أجلا مسكوتا عنه مفوضا الى المستعير، وأما مؤجلة الى تمام حاجة المستعير. فالاعارة ولو لم يذكر فيها الأجل، لكنها فى ضمن التأجيل المفوض الى المستعير، فاذا لم تسم المدة انتفع المستعير بقدر ما استعار له (١).

[حكم الاعارة - لزومها وعدم لزومها]

[مذهب الحنفية]

الاعارة عقد غير لازم، ولذلك الملك الثابت به ملكا غير لازم، لأنه ملك لا يقابله عوض فلا يكون لازما كالملك الثابت للموهوب له فى الهبة فبناء عليه يكون للمعير أن يرجع فى الاعارة متى شاء، سواء أطلق الاعارة أو وقت لها وقتا (٢). أو كان فى الرجوع ضرر (٣)، لأن المنافع تملك شيئا فشيئا على حسب حدوثها فالتمليك فيما لم يوجد منها لم يتصل به القبض ولا يملك الا به فيصح الرجوع عنه (٤). غير أنه فى الاعارة المؤقتة يكره تنزيها أن يرجع المعير قبل تمام الوقت. لأن فيه خلف الوعد ويستحب الوفاء به.

فاذا رجع المعير عن الاعارة كان له استرداد العين المعارة.

ويستثنى من هذا عدة أمور لا يملك فيها المعير أن يسترد المستعار من المستعير:

كما اذا طلب السفينة المعارة وهى فى لجة البحر، أو طلب السيف المعار ليقتل به ظلما، أو طلب الفرس المعار لمن يغزو عليه فى دار الحرب فى موضع لا يوجد فيه مركب بالشراء ولا بالاجرة، أو طلب المستعار للرهن قبل قضاء الدين، أو طلب الاناء المستعار فى الصحراء بعد أن ملأه المستعير دهنا مثلا، وكذلك لا يمكنه استرداد مرضعة استعارها المستعير لارضاع طفله بعد أن ألفها الطفل بحيث صار لا يصبر عنها ولا يأخذ الا ثديها.

وكذلك اذا أستعار أرضا للزراعة وزرعها لا تؤخذ منه حتى يحصده ولو لم يوقت لذلك وقتا. ففى كل هذا ليس للمعير استرداد العين المعارة لما فى ذلك من الضرر وتبقى العين بيد المستعير بأجر المثل من حين الرجوع الى حين زوال العذر المانع من استردادها، لأن المعروف عرفا كالمشروط‍ شرطا (٥).

وتلزم الاعارة فيما اذا استعار جدار غيره لوضع جذوعه ووضعها، ثم باع المعير الجدار فان المشترى لا يتمكن من رفعها وقيل: لا بد من اشتراط‍ ذلك وقت البيع والا جاز له أن يرفعها. والوارث فى هذا بمنزلة المشترى.


(١) شرح النيل ج ٦ ص ٦٤، ٨٨
(٢) البدائع ج ٦ ص ٢١٦
(٣) من حاشيته ابن عابدين ج ٤ ص ٥٢٥ وتكملته المذكورة.
(٤) العناية على الهداية بتكملة فتح القدير ج ٧ ص ١٠٣
(٥) تكملة حاشية ابن عابدين ج ٨ ص ٣٨٦ و ٣٨٨، ٤١٣ والاشباه والنظائر ج ٢ ص ٧٥