للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الإفراد فى الشركة]

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع (١) أن عقد الشركة عقد جائز غير لازم، حتى ينفرد كل منهما بالفسخ، إلا أن من شرط‍ جواز الفسخ أن يكون بحضرة صاحبه أو بعلمه حتى لو فسخ بمحضر من صاحبه جاز الفسخ.

وكذا لو كان صاحبه غائبا وعلم بالفسخ، وإن كان غائبا ولم يبلغه الفسخ لم يجز الفسخ ولم ينفسخ العقد، لأن الفسخ من غير علم صاحبه إضرار بصاحبه ولهذا لم يصح عزل الوكيل من غير علمه مع ما أن الشركة تتضمن الوكالة وعلم الوكيل بالعزل شرط‍ جواز العزل فكذا فى الوكالة التى تضمنت الشركة.

أما شركة العنان (٢)، فإنه يجوز لأحد شريكى العنان أن يبيع مال الشركة لأنهما بعقد الشركة أذن كل واحد لصاحبه ببيع مال الشركة، ولأن الشركة تتضمن الوكالة فيصير كل واحد منهما وكيل صاحبه بالبيع، ولأن غرضهما من الشركة الربح، وذلك بالتجارة وما التجارة إلا البيع والشراء فكان إقدامهما على العقد إذنا من كل واحد منهما لصاحبه بالبيع والشراء دلالة.

وله أن يبيع مال الشركة بالنقد والنسيئة لأن الإذن بالبيع بمقتضى الشركة وجد مطلقا، ولأن الشركة تنعقد على عادة التجار ومن عادتهم البيع نقدا ونسيئة وله أن يبيع بقليل الثمن وكثيره إلا بما لا يتغابن الناس فى مثله لأن المقصود من العقد وهو الاسترباح لا يحصل به فكان مستثنى من العقد دلالة

وذكر القاضى فى شرحه مختصر الطحاوى وجعله على الاختلاف فى الوكالة بالبيع مطلقا أنه يجوز عند أبى حنيفة، وعندهما لا يجوز. ولو باع أحدهما وأجل الآخر لم يجز تأجيله فى نصيب شريكه بالإجماع.

وهل يجوز فى نصيب نفسه؟

هو على الخلاف الذى ذكرنا فى الدين المشترك إذا أخر أحدهما نصيبه، هذا إذا عقد أحدهما وأجل الآخر.

فأما إذا عقد أحدهما ثم أجل العاقد فلا خلاف فى أنه يجوز تأجيله فى نصيب نفسه لأنه مالك وعاقد، وأما فى نصيب شريكه فيجوز تأجيله فى قول أبى حنيفة ومحمد.

وعند أبى يوسف لا يجوز

والكلام فيه بناء على مسألة الوكيل بالبيع أنه يملك تأخير الثمن والإبراء عنه عندهما.

وعنده لا يملك

ووجه البناء ظاهر، لأن العاقد فى نصيب الشريك وكيل عنه وهى من مسائل كتاب الوكالة


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين ابن أبى بكر بن مسعود الكاسانى ج ٦ ص ٧٧ طبع مطبعة الجمالية بمصر طبعة أولى.
(٢) المرجع السابق ج ٦ ص ٦٨ نفس الطبعة المتقدمة.