نص فقهاء الحنفية على أنه يصح الخلع والطلاق والعتق على مال، ويقع الطلاق ويحصل العتق ويجب المال، وعلى أنه يجوز لولى الدم فى القتل العمد الذى موجبه القصاص أن يصالح عن حق القصاص نظير مال، وأنه يصح الصلح ويسقط حق القصاص ويجب المال.
ونصوا أيضا على أن الشفيع لو صالح عن حقه فى الشفعة نظير مال سقط حقه فى الشفعة، ولكن لا يجب المال، لأن قبوله الاسقاط نظير عوض تسليم منه بالحق، وهو الاسقاط وبذلك يزول الحق ويتلاشى ولا يعود، ولا حق له فى العوض لأن حق الشفعة لا يقبل التمليك لأحد فلا تصح مبادلته بشئ ..
ونصوا على أن المدين بدين مؤجل اذا صالح الدائن على اسقاط الأجل جاز اذا لم يكن نظير عوض، فان كان نظير عوض بطل.
وقد اختلفوا فى الأصل الذى يعتمد عليه فى معرفة الاسقاطات التى يصح الاعتياض عنها والتى لا يصح ..
والحق عند الحنفية على ضربين.
حق متقرر فى المحل الذى تعلق به، وحق غير متقرر فيه، وهو الذى يعبر عنه عادة بالحق المجرد ومجرد الحق.
والحق المتقرر تارة يكون ملكا فى المحل، كحق الزوج فى النكاح بالنسبة للاستمتاع، وحق السيد فى العبد وهو ملك رقبته، وتارة لا يكون ملكا كحق القصاص.
والفرق بين المتقرر وغيره أن ما يتغير بالصلح عما كان قبله فهو متقرر كحق القصاص، فان نفس القاتل كانت مباحة وغير معصومة فى حق ولى الدم الذى له حق القصاص وبالصلح حصلت له العصمة فى دمه ونفسه فكان الحق فى ذلك متقررا.
أما ما لا يتغير بالصلح عما كان قبله فهو حق غير متقرر كحق الشفعة اذا صالح الشفيع على اسقاط حقه فيها، فلا أثر لهذا الصلح بالنسبة للحق الا سقوطه به، والمشترى يملك الدار المشفوع فيها قبل الصلح وبعده على وجه واحد بطريق البيع بكل أوضاعه وشروطه وآثاره فلم يكن حقا متقررا.
والمقرر أنه لا يصح الاعتياض بالمال الا عن المال أو ما يؤول الى المال، وأن الانسان كما يجوز له أن يلتزم العوض ليثبت له الملك، يجوز أن يأخذ العوض، ليبطل ملكه أو حقه المتقرر، وأنه لا يحل