للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنما يريد لا يضع خطه في وثيقة بظاهر الجواز مع أن الباطن باطل، وأما المساطير التي تكتب لإبطال المفاسد بصيغة الاستدراك لا البناء فلا خلاف ولا خفاء في وجوب وضع الشهادة فيها (١). وجاء في التاج والإكليل نقلا عن مالك رضى الله تعالى عنه في قول الله عز وجل: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}: إنما هو من يدعى إلى الشهادة بعد أن يشهد، وأما قبل أن يشهد فأرجو أن يكون في سعة إن كان ثم من يشهد، قال ابن كنانة رحمه الله تعالى: إن لم يجد غيره وخاف أن يبطل حقه إن لم يشهد فعليه أن يجيب، قال ابن رشد: الدعاء ليشهد على الشهادة ويستحفظها فرض كفاية كصلاة الجنازة، ودعى مالك إلى شهادة فلم يجب واعتذر لمن دعاه فقال أخاف أن يكون في أمرك ما لا أرى أن أشهد عليه فيقتدى بى من حضر، فقبل منه وحكى الشعبانى أيضا عن مالك رضى الله تعالى عنه أنه ليس على الفقهاء أن يشهدوا بين الناس ولا أن يضيفوا أحد ولا أن يكافئوا على الهدايا. قال ابن عرفة رضى الله تعالى عنه: والأداء عرفا إعلام الشاهد الحاكم بشهادته بما يحصل له العلم بما شهد به، وهو واجب عينا على من لم يزد على عدو يثبت به المشهود به، وواجب كفاية على من زاد عدده عليه حاضرا كواحد من ثلاثة في الأموال وما يقبل فيه اثنان ومن خمسة فصاعدا في الزنا (٢).

[مذهب الشافعية]

جاء في نهاية المحتاج أن تحمل الشهادة فرض كفاية في النكاح لتوقف انعقاده عليه، ولو امتنع الجميع أثموا، ولو طلب من اثنين لم يتعينا إن وجد غيرهما بصفة الشهادة. زاد الأذرعى رضى الله تعالى عنه: وظن إجابة الغير، وإلا تعينا، وكذا الإِقرار والتصرف المالى وغيره كعتق وطلاق ورجعة وغيرها التحمل فيه فرض كفاية إلا الحدود. وكتابة الصك في الجملة - وهو الكتاب - فرض كفاية أيضا في الأصح للحاجة إليه لتمهيد إثبات الحقوق عند التنازع. وكتابة الصك لها أثر ظاهر في التذكر وفيها حفظ الحقوق عند الضياع. والثانى المنع لصحتها بدونه. ولا يلزمه الذهاب إلا إن كان ممن تقبل شهادته والمشهود عليه معذور بنحو حبس أو مرض أو تخدير أو دعا قاض إلى أمر ثبت عنده ليشهده عليه أو دعا الزوج أربعة إلى الشهادة بزنا زوجته، بخلاف دون أربعة، وبخلاف دعاء غير الزوج، قال البلقينى رضى الله تعالى عنه نقلا عن جمع أو لم يكن ثم ممن يقبل غيره وقدم هذه في السير إجمالا، وله طلب أجرة الكتابة وحبس الصك وأخذ أجرة التحمل، وإن تعين عليه حيث كان عليه فيه كلفة مشى أو نحوه لا للأداء، وإن لم يتعين عليه لأنه فرض عليه فلا يستحق عليه عوضا، ولأنه كلام يسير لا أجرة لمثله، وفارق التحمل بأن الأخذ للأداء يورث تهمة قوية مع أن زمنه يسير لا تفوت به منفعة متقومة بخلاف زمن التحمل، نعم إن دعى عن مسافة عدوى فأكثر فله نفقة الطريق وأجرة الركوب وإن لم يركب وكسب عطل عنه فيأخذ قدره لا لمن يؤدي في البلد إلا إن احتاجه فله أخذه وله صرف المعطى إلى


(١) مواهب الجليل لشرح مختصر أبى الضياء خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربى المكى الرعينى المعروف بالحطاب جـ ٦ ص ١٩٤، ص ١٩٥ في كتاب على هامشه التاج والإكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٥ هـ.
(٢) التاج والإكليل لشرح مختصر خليل للمواق جـ ٦ ص ١٩٥ في كتاب على هامش مواهب الجليل للحطاب الطبعة السابقة.