للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما إذا كان الشخص صائما فعلا وأفطر لغير عذر فإنه يترتب على إفطاره هذا عدة أمور: منها الإمساك. وغير المعذور هو من أفطر عمدا أو غَلبَةٌ أو نسيانا.

وحكم إمساك هذا الشخص يختلف باختلاف الصوم الذي أفطر فيه. فإما أن يكون نفلا أو فرضاء والفرض إما معين أو غير معيّن؛ وغير المعيّن إما واجب التتابع أو غير واجب التتابع.

فالصوم التطوع والنفل يجب فيه الإمساك إن كان الفطر فيه غلبة أو نسيانا. وكذا إن كان عمدا على قول مرجوح أنكره ابن عرفة. قال: لا يجب الإمساك إن أفطر فيه عمداء وهو الراجح، لعدم الفائدة مع وجوب القضاء.

والفرض المعين كرمضان والنذر المعين يجب فيه الإمساك بقية اليوم مطلقا اتفاقا، سواء كان عمدا أو سهوا وإن كان فرضا لم يتعين وقته فإن وجب تتابعه ككفارة الظهار والقتل ولم يتعمد الفطر بأن أفطر غلبة أو نسيانا في أول يوم فإنه يستحب له الإمساك بقية يومه ثم يستأنف صيام الشهرين، لعدم الفائدة، إذ هو يجب قضاؤه ولا يؤدى إفطاره لفساد شئ أما إن أفطر ناسيا في أثناء الشهرين فبناء على قول من قال: إن الفطر ولو نسيانا يقطع التتابع ويُسقط حكمٌ الصوم الماضي له أن يفطر. والأولى الإمساك.

وأما على القول الآخر بأن الفطر نسيانًا لا يقطع تتابع هذه الصوم - وهو الراجح فيجب الإمساك كالفطر نسيانا في التطوع.

فإن تعمد الفطر لم يكن عليه إمساك لا وجوبا ولا ندبا لفساد جميع صومه الذي فعله ولو كان فطره في آخر يوم منه؛ فلا فائدة في إمساكه حينئذ.

أما إذا كان الصوم فرضا لم يتعين وقته ولم يجب تتابعه ككفارة اليمين والنذر المضمون أي غير المعين وقضاء رمضان وجزاء الصيد وفدية الأذى فإنه يكون بالخيار بين الإمساك وعدمه وإن كان يستحب له الإمساك بقية اليوم في الظاهر.

وسواء في كل هذا أن يكون عمدا أو نسيانا أو غلبة؛ لأنه يجب عليه القضاء في الجميع هذا ويجب قضاء الفرض من كل هذا على تفصيل ينظر في (مصطلح صوم). (١)

[مذهب الشافعية]

إمساك المسلم المميز عن المفطرات من أول النهار إلى آخره بالنية سالما من الحيض والنفاس ومن الإغماء والسكر في بعضه من أركان الصوم الشرعى (٢).

وجاء في تحفة المحتاج. أن الإمساك هذا يعتبر أيضا شرطا لصحة الصوم (٣) ويجب إمساك جزء من الليل بعد غروب الشمس ليتحقق به استكمال النهار (٤). والأصح أن الإمساك يجب على من أفطر يوم الشك - وهو يوم الثلاثين من


(١) شرح الخرشى بحاشية العدوى جـ ٣ ص ٣٠٠،٣٩١،٢٨١،٣٧٨،٢٧٦ الطبعة الأولى بالطبعة الأميرية سنة ١٢٩٩، الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقى ج ١ ص ٤٩٨،٤٩٧،٤٨٧،٤٨٥،٤٨٠ الطبعة الأول بمطبعة السعادة سنة ١٣٢٩، الشرح الصغير للدردير بحاشية الصاوى ج ١ ص ٢٨٢،٢٨١ الطبعة الأولى بالمطبعة الأميرية سنة ١٢٨٩، حاشية العدوى على شرح أبي الحسن ج ١ ص ٣٧٦،٣٧٤ طبعة أولى مطبعة عبد الحميد أحمد حنفى.
(٢) أسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري بحاشية الرملي الكبير جـ ١ ص ٤٠٨ المطبعة الميمينية الطبعة الأولى سنة ١٣١٢.
(٣) تحفة المحتاج شرح المنهاج لابن حجر بحاشية عمر البصرى ج ١ ص ٤٠٢، الطبعة الأولى. المطبعة الوهبية سنة ١٢٨٢.
(٤) المجموع شرح المهذب ج ٦ ص ٣٠٤.