للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثبت أنه من رمضان وجب الإمساك والقضاء. وإن لم يثبت أنه من رمضان فإنه يفطر.

ولو شهد اثنان عند القاضي برؤية هلال رمضان واحتاج الأمر إلى تزكيتهما والكشف عن حالهما فإنه لا يستحب الإمساك لأجل تزكية الشهود زيادة على الإمساك السابق للتحقق المذكور وهذا مقيد بما إذا كان الكشف عن حالهما يتأخر بعض الوقت. وأما إذا كان ذلك قريبا فاستحباب الإمساك متعين كما قال الحطاب. بل هو آكد من الإمساك في الفرع السابق.

قال الدسوقي فى حاشيته على الشرح الكبير: "واعلم أنه إذا كانت الشهادة بالرؤية نهارا أو ليلا وكانت السماء مصحية وأُخر أمرّ التزكية للنهار فلا إمساك أصلا، ولا يجب تبييت نية الصوم وإن كانت السماء مغيِّمة وأخر أمر التزكية للنهار فالمنفى إنما هو الإمساك الزائد على ما يتحقق فيه الأمر. وإن زكيا بعد ذلك أمر الناس بالإمساك والقضاء".

وكذلك لا يستحب الإمساك لمن كان مفطرا لأجل عذر يباح لأجله الفطر مع العلم برمضان ثم زال عذره. وذلك مثل ما إذا قدم المسافر من سفره الذي يجوز له الفطر فيه نهارا حالة كونه مضطرا، أو طهرت الحائض أو النفساء في أثناء نهار رمضان فإنه يباح لهم الأكل في بقية يومهم ولا يستحب لهم الإمساك فيه.

وكذلك مجنون ومغمى عليه أفاقا ومُرْضِعُ مات ولدُها خلال نهار رمضان. ومريض صح من مرضه؛ ومضطرٌ لفطر بسبب جوع أو عطش فأفطر لذلك. وصبي بلغ في أثاء النهار وكان قد بيّت نية الفطر أو بيت نية الصوم وأفطر عمدا قبل بلوغه أو لم ينو صوما ما ولا فطرا، فكل هؤلاء لا يستحب لواحد منهم الإمساك ويجوز لهم التمادى على تعاطى المفطر، سواء كان أكلا أو شربا أو جماعا.

أما لو بيّت الصبى نية الصوم واستمر صائما حتى بلغ أو أفطر ناسيا وأمسك فإنه يجب عليه الإمساك في هاتين الصورتين. ولا قضاء عليه فيهما ولا قضاء عليه أيضا في الصور الثلاث السابقة التي لا يستحب إمساكه فيها.

وكذلك يجب الإمساك على من أفطر مكرها ثم زال الإكراه فإذا أفطر المكرّه بعد زوال الإكراه وجب عليه القضاء والكفارة إلا أن يتأوَّل.

كما يجب الإمساك على من أفطر ناسيا أو لكون اليوم يوم شك ثم ثبت أنه من رمضان لأن كلا من النسيان والشك عذر يباح لأجله الفطر لكن لا مع العلم برمضان وإذا أسلم الكافر في أثناء نهار رمضان فإنه يستحب له الإمساك في بقية ذلك اليوم لتظهر علامة الإسلام بسرعة، وإنما لم يجب عليه الإمساك ترغيبا للإسلام، ويستحب له أيضا قضاء هذا اليوم، سواء أمسك بقية اليوم أو لم يمسك، وهو الظاهر من كلامهم.

ومن أكل أو شرب فتبين أنه فعل ذلك وقت طلوع الفجر يمسك عن الأكل والشرب ويجزيه الصومُ فلا يكون عليه قضاء هذا اليوم على المشهور.

وهذا كله في إمساك المفطر لعذر ثم زال عذره.