والنسيان لا يُجعل عذرًا في ترك المأمورات، هل يبطل ما مضى أو ينقلب نفلًا؟ فيه قولان: رجح في (الأنوار) أولها وابن المقرى ثانيهما، وينبغى حمل الأول على الإفساد بلا عذر والثانى على الإفساد بعذر، ولو شك في نية صوم يوم بعد الفراغ من الصوم ولو من صوم اليوم الذي شك في نيته لم يضر، إذ لا أثر للشك بعد الفراغ من اليوم، ويفارق نظيره في الصلاة بأنها أضيق من الصوم، ويستثنى من ذلك ما لو أفطر لسفر أو أفطرت الحامل، أو المرضع لأجل الولد، أو أفطر لفرط الجوع فإن التتابع يفوت وإن وجد عذر، وكذا يفوت التتابع لعذر بمرض مسوغ للفطر في الجديد؛ لأن المرض لا ينافى الصوم وقد أفطر باختياره فأشبه ما لو أجهده الصوم فأفطر، والقديم لا يقطع التتابع؛ لأن التتابع لا يزيد على أصل وجوب رمضان وهو يسقط بالمرض، وعلم منه أن خوف المرض قاطع من باب أولى، ولا يزول التتابع في الصوم بحيض؛ لأنه ينافى الصوم ولا تخلو عنه ذات الأقراء في الشهر غالبًا، والتأخير إلى سن اليأس فيه خطر، وهذا إذا لم تعتد الانقطاع شهرين فأكثر، فإن اعتادت ذلك فشرعت في الصوم في وقت يتخلله الحيض انقطع، وكذا لو ابتدأ المكفر الصوم في وقت يعلم دخول ما يقطعه عن إتيانه كشهر رمضان أو يوم النحر، والنفاس كالحيض لا يقطع التتابع على الصحيح، وقيل: يقطعه لندرته وهو ظاهر نصوص الشافعي - رضي الله عنه -، وكذا جنون لا يزول به التتابع على المذهب لمنافاته للصوم كالحيض، والإغماء المستغرق كما في (الروضة) وهو المعتمد، وقيل: كالمرض، وكلام (التنقيح) يشعر بتوجيهه. وقال الأذرعى: إنه المذهب، والمنصوص في (الأم) ولو صام رمضان بنية الكفارة أو بنيتهما بطل صومه ويأثم بقطع صوم الشهرين ليستأنف، إذ هما كصوم يوم، ولو وطئ المظاهر فيهما ليلًا عصى ولم يستأنف (١).
[مذهب الحنابلة]
جاء في (المغنى): أجمع أهل العلم على وجوب التتابع في الصيام في كفارة الظهار، وأجمعوا على أن من صام بعض الشهر ثم قطعه لغير عذر وأفطر عليه استئناف الشهرين. وأجمع أهل العلم على أن الصائمة متتابعًا إذا حاضت قبل إتمامه تقضى إذا طهرت وتبنى، وذلك لأن الحيض لا يمكن التحرز منه في الشهرين إلا بتأخيره إلى الإياس وفيه تعزير بالصوم؛ لأنها ربما ماتت قبله والنفاس كالحيض في أنه لا يقطع التتابع في أحد الوجهين؛ لأنه بمنزلته في أحكامه، ولأن الفطر لا يحصل فيهما بفعلهما وإنما ذلك الزمان كزمان الليل في حقهما. والوجه الثاني: أن النفاس يقطع التتابع؛ لأنه فطر أمكن التحرز منه لا يتكرر كل عام فقطع كالفطر لغير عذر، ولا يصح قياسه على الحيض؛ لأنه أندر منه ويمكن التحرز عنه. وإن أفطر لمرض مخوف لم ينقطع التتابع أيضًا، لأنه أفطر لسبب لا صنع له فيه فلم يقطع التتابع كإفطار المرأة للحيض، وإن كان المرض غير مخوف لكنه يبيح الفطر، فقال أبو الخطاب: فيه وجهان أحدهما: لا يقطع التتابع؛ لأنه مرض أباح الفطر أشبه المخوف، والثانى: يقطع التتابع؛ لأنه أفطر اختيارًا فانقطع