للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعيشون فى مثله ثم ماتوا ففى كل واحدة دية كاملة، وإن كان بعضهم حيا فمات وبعضهم ميتا ففى الحى دية وفى الميت غرة.

وقال فى موضع آخر (١): وعلى كل من ضرب ممن ذكرت عتق رقبة مؤمنة سواء كان الجنين حيا أو ميتا. وقال إنه قول أكثر أهل العلم ومنهم الحسن وعطاء والزهري والحكم ومالك والشافعى وإسحاق.

ونقل عن ابن المنذر أنه قال: كل من نحفظ‍ عنه من أهل العلم أوجب على ضارب بطن المرأة فتلقى جنينا الرقبة مع الغرة.

ثم قال (٢): وان ألقت المضروبة أجنة ففى كل جنين كفارة كما أن فى كل جنين غرة أو دية، وإن أشترك جماعة فى ضرب إمرأة فألقت جنينا فديته أو الغرة عليهم بالحصص وعلى كل واحد منهم كفارة، وإن ألقت أجنة فدياتهم عليهم بالحصص، وعلى كل واحد فى كل جنين كفارة.

وقال ابن قدامة إذا شربت الحامل دواء فألقت به جنينا فعليها غرة لا ترث منها شيئا وتعتق رقبة، وليس فى هذا اختلاف بين أهل العلم نعلمه إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة. وذلك لأنها أسقطت الجنين بفعلها وجنايتها فلزمها ضمانه بالغرة، ولو كان الجانى المسقط‍ للجنين أباه أو غيره من ورثته فعليه غرة لا يرث منها شيئا ويعتق رقبة.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى فى كتابه المحلى (٣):

إن الحامل إذا قتلت وهى بينة الحمل فسواء طرحت جنينها ميتا أو لم تطرحه فيه غرة، ولا بد لأنه جنين أهلك، وقد اختلف الناس فيه، وروى بسنده عن الزهرى أنه كان يقول: إذا قتلت المرأة وهى حامل ليس فى جنينها شئ حتى تقذفه.

قال على (يعنى ابن حزم نفسه): لم يشترط‍ رسول الله فى الجنين إلقاءه، ولكنه قال: فى الجنين غرة عبد أو أمة كيف ما أصيب ألقى أو لم يلق ففيه الغرة، وإذا قتلت الحامل فقد تلف جنينها بلا شك، وبين بعد ذلك أنهم يفرقون فى حكم الإجهاض الدنيوى بين ما إذا كان إسقاط‍ الجنين نتيجة ضرب الحامل قبل تمام الأربعة الأشهر أو بعدها فان كان قبل ذلك ففيه الغرة دون الكفارة وإن كان بعد ذلك ففيه الغرة والكفارة معا (أنظر على وجه التفصيل فيمن يستحق الغرة: «غرة»).

ثم قال (٤): بين لنا صلى الله عليه وسلم أن دية من خرج إلى الدنيا فقتل مائة من الإبل، وبين لنا أن دية الجنين بنص لفظة غرة من العبيد أو الإماء وسماه دية فكانت الدية مختلفة لبيان الرسول لنا، وكانت الكفارة واحدة، لأن الرسول صلى الله


(١) المغنى ج‍ ٧ ص ٨١٥.
(٢) المغنى ج‍ ٧ ص ٨١٦.
(٣) ج‍ ١١ ص ٣٥ مطبعة الإمام بالقاهرة.
(٤) المحلى ج‍ ١١ ص ٣٧.