وحكى المذاهب المخالفة وشبه القائلين بأن الأمر يدل على النهى عن ضدء دلالة التزام باعتبارها أقوى الشبه وتولي الرد عليها بما ملخصه أن الاستلزام لا يدل على العينية. ثم قال (١).
اعلم أن المذهب الذي اخترناه هو مذهب كثير من الأصوليين ونسب إلى الغزالى والجوينى واعلم أيضا أن قول من قال إن الأمر بالشئ نهى عن ضده لا يخلو إما أن يكون المراد أنه نهى عن ضده من طريق اللفظ وهو باطل لاتفاق أهل اللغة على أن الأمر بالشئ لا يسمى نهيا عن ضده وإما أن يريدوا أن الأمر بالشئ نهى عن ضده في المعنى بحيث يكون ضد المأمور به مكروها للآمر وقبيحا عنده. وهذا باطل أيضا لأن النوافل مأمور بها وضدها ليس بمنهى عنه.
فإن قيل إن الأمر بالنوافل أمر مجازى والكلام في الأمر الحقيقى قلنا: لا نسلم ذلك بل الأمر بالنوافل خقيقى أيضا وأطال في ذلك بما ليس من غرض البحث.
[سادسا: الجعفرية]
ذهب صاحب قوانين الأصول إلى الرأى الذي قال به الجمهور فقال: (٢)
الحق أن الأمر بالشئ لا يقتضى النهى عن ضده الخاص وأما الضد العام فيقتضيه التزاما.
وأوضح ذلك بعدة مقدمات أهمها:
١ - أن الضد الخاص للمأمور به وهو كل واحد من الأمور الوجودية المضادة له عقلا أو شرعا. وأما العام فتارة يطلق على أحد هذه الأضداد الوجودية لا بعينه. وهو بهذا المعنى لا يختلف عن الضد الخاص. وتارة يطلق على الترك. إما بجمله مرادفا للكف أو مجازا للمناسبة والمجاورة.
والمراد في هذا البحث هو المعنى الثاني وهو الضد بالمعنى العام مرادا به الترك.
٢ - أن ترك الضد مما يتوقف عليه فعل المأمور به لاستحالة وجود الضدين في محل واحد، فوجود أحدهما يتوقف عليه انتفاء الآخر عقلا.
واتجه إلى قصر الكلام في مقامين:
الأول: أن الأمر بالشئ يقتضى النهى عن ترك المأمور به التزاما لا تضمنا كما توهم بعضهم.
فالصيغة تدل عليه التزاما بينا بالمعنى الأعم. والقول بعدم الدلالة منقول عن بعض علماء المذهب محتجين بأن الآمر قد يكون غافلا فلا يتحقق النهى.
ورد ذلك بأن الغفلة مطلقا حتى إجمالا ممنوع وهذا كاف ولذلك قلنا؛ يكون اللزوم بينا بالمعنى الأعم وكما أن القول بالعينية في الضد الخاص إفراط فهذا القول تفريط.
الثاني: الحق عدم دلالة الأمر بالشئ علي النهى عن الضد الخاص. والمثبتون بين من يظهر