الضياع والفساد، يقال بطل بطولا إذا ذهب ضياعا وخسرا (١).
[معناه اصطلاحا]
يستعمله الفقهاء بمعنى الإلغاء والإفساد والنقض، ومحله عندهم الأفعال الشرعية كالصلاة والصوم والحج والأقوال، وتتناول التصرفات الشرعية والأحكام والأدلة، يقولون: أبطل عقده أو قوله إذا نقضه وأفسده أو عدل عن المضى فيه، وأبطل صلاته أو صيامه أو حجه إذا أفسده بما يجعله فى نظر الشارع فاسدا غير مجزئ فكان ما صدر عنه من ذلك مسلوب الأثر الشرعى الذى رتبه الشارع على وجوده صحيحا على وفق ما طلب، وأبطل دليله إذا نقضه فجعله غير منتج للنتيجة التى أريدت منه، وهذا هو معنى البطلان فى الأدلة.
أما معناه فى الأفعال والتصرفات الشرعية فهو صيرورتها على خلاف ما طلب الشارع فيها سواء أكان ذلك الطلب متعلقا بأركانها وعناصرها الأساسية التى يتوقف وجود حقيقتها الشرعية على تحققها أم متعلقا بأوصافها العارضة لها التى رأى الشارع وجوب وجودها عليها. ومن ثم وصف بالبطلان كل فعل أو قول أو عقد وجد على خلاف ما طلب الشارع.
وإلى هذا المعنى ذهب الشافعية والحنابلة والمالكية والزيديه.
وذهب الحنفية إلى أن البطلان مخالفة القول أو التصرف لما بينه الشارع فى حقيقته وأركانه، فإذا وجد مخالفا لهذا البيان كان باطلا وغير مشروع بأصله، أما مخالفته لما طلبه فيه من أوصاف عارضة يجب أن يوجد عليها، فلا تسمى عندهم بطلانا، وإنما تسمى عندهم فساداً ووجوده على هذه الأوصاف التى كره الشارع وجوده عليها تجعله فاسدا لا باطلا، ويكون غير مشروع بوصفه.
وجملة القول فى ذلك أن الشارع إذا نهى عن تصرف من التصرفات فقد يكون مرجع هذا النهى إلى خلل فى أركانه أو فى محله أو لعدم تحقق معناه، وقد يكون مرجعه إلى وصف ملازم للتصرف عارض له، وقد يكون مرجعه إلى أمر مجاور له غير ملازم وليس شرطا فيه وإنما عرض له بسبب المجاورة فهذه أحوال ثلاثة. ففى الحال الأولى يكون أثر المخالفة فيها البطلان اتفاقا كما فى بيع الميتة وعقد المجنون.
وفى الحال الثانية يكون الأثر فيها الفساد عند الحنفية والبطلان أيضا عند غيرهم، كما فى بيع أجل الثمن فيه الى الميسرة، أو بيع دابه من قطيع، ومن هذأ يتبين أن الحنفية قد فرقوا بين البطلان والفساد، وخالفهم فى ذلك المالكية والشافعية والحنابلة، فلم يفرقوا بين هذين الحالين فى التسمية وفى الأثر، وكانت المخالفة فيهما عندهم بطلانا أو فسادا وكان اللفظان عندهم مترادفين.
وهذا ما جرى عليه استعمالهم فى أكثر أبواب الفقه بصفة عامة، وقد يرى فى بعض الأبواب أنهم يفرقون بين معنى البطلان والفساد بناء على اختلاف فى الأحكام،
(١) المعجم الوسيط - مفردات الراغب - القاموس في مادة بطل.