للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحول بين المستأجر وبين كمال انتفاعه به، ومما خرج على هذا الشرط‍ أيضا عدم جواز استئجار الفحل للضراب والكلب للاصطياد لأن المنفعة المطلوبة منهما غير مقدورة التسليم والاستيفاء، اذ لا يمكن اجبار الفحل على الضراب ولا اجبار الكلب على الصيد.

ومما خرج على ذلك أيضا عدم جواز الاستئجار على تعليم القرآن والصناعات، اذ أن الأجير لا يستطيع تسليم العمل بنفسه فان تعليم التلميذ يتوقف على قبوله اياه وذلك غير مقدور للمعلم ومثله عدم جواز الاستئجار على المحظور شرعا لأن المعصية غير مقدورة الاستيفاء شرعا لحظرها كاستئجار النائحة للنوح واستئجار انسان للقتل والضرب والسب وما الى ذلك مما يحرم فعله واجارة مكان ليتخذ كنيسة أو حانوتا لبيع الخمور، وكذلك الاستئجار على حمل الخمر لشاربها أو بائعها لا لمن يريقها.

وكذلك لا يجوز استئجار الشخص أباه ليستخدمه ولو كان أبوه ذميا أو رقيقا لما فى ذلك من الاستخفاف به وكل ذلك محظور (١).

[مذهب المالكية]

يرى المالكية رأى الحنفية فى أنه يشترط‍ فى المنفعة القدرة على تسليمها حسا وشرعا وفرعوا على ذلك عدم جواز استئجار آبق أو بعير شارد أو عين غير مملوكة لمؤجرها هى ولا منفعتها، أو عين بعيدة بحيث لا يتيسر الوصول اليها للانتفاع بها، كما فرعوا على ذلك عدم جواز استئجار الأخرس للتدريس والأعمى للكتابة والأشل لعمل يعمل باليد اذا كان مشروطا عليه أن يعمل بنفسه (٢).

[مذهب الشافعية]

واشترط‍ الشافعية أن يكون المؤجر قادرا على تسليم المنفعة بتسليم محلها حسا وشرعا ليتمكن المستأجر من استيفائها والقدرة على ذلك تشمل ملك الأصل أو ملك المنفعة فكان للمستأجر أن يؤجر ما استأجر والمقطع له أن يؤجر ما أقطعه اياه الامام خلافا لمن ذهب الى أن المقطع له لا يملك المنفعة وانما أبيحت له وهذا ما لم يؤذن بأن يؤجر والا كان له أن يؤجر اتفاقا للقدرة على التسليم.

ومما فرعوه على ذلك عدم جواز استئجار آبق أو مغصوب لغير غاصبة اذا لم يكن المؤجر قادرا على انتزاعه منه قبل التسليم وعدم جواز استئجار أعمى لحفظ‍ أمتعة يحتاج حفظها الى النظر وعدم جواز استئجار أرض لزراعتها ولا ماء لها، أو كانت سبخة لا تنبت بخلاف ما لو كانت صالحة وكان لها ماء ولو بالمطر المعتاد.

وذهبوا كما أشرنا، الى أن امتناع التسليم شرعا فى الحكم كامتناعه حسا، وفرعوا على ذلك عدم جواز الاستئجار على فعل محظور كقتل وضرب واستئجار حائض لخدمة


(١) البدائع ج‍ ٤ ص ١٨٧، وما بعدها.
(٢) الشرح الكبير ج‍ ٤ ص ١٩.