للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم الضمان يختص بمن مد الحبال ورمى الحجر لمباشرتهم، دون واضعه وممسك الخشب، اذ لا دخل لهم فى الرمى أصلا، ويؤخذ منه أنه لو كان لهم دخل فيه ضمنوه أيضا وهو ظاهر (١).

[مذهب الحنابلة]

اذا رمى ثلاثة بالمنجنيق فرجع الحجر فقتل رجلا فعلى عاقلة كل واحد منهم ثلث الدية، وعلى كل واحد منهم عتق رقبة مؤمنة فى ماله، لأن كل واحد منهم مشارك فى اتلاف آدمى معصوم، والكفارة لا تتبعض فكملت فى حق كل واحد منهم.

ثم لا يخلو من حالين.

أحدهما: أن يقتل واحدا من غيرهم .. فالكفارة على كل واحد منهم والدية على عواقلهم أثلاثا، لأن العاقلة تحمل الثلث فما زاد، سواء قصدوا رمى واحد بعينه أو رمى جماعة أو لم يقصدوا ذلك، الا أنهم ان لم يقصدوا قتل آدمى معصوم فهو خطأ ديته دية الخطأ.

وان قصدوا رمى جماعة أو واحدا بعينه فهو شبه عمد، لأن قصد الواحد بعينه بالمنجنيق لا يكاد يفضى الى اتلافه فتكون ديته مغلظة على العاقلة، الا أنها فى ثلاث سنين.

وعلى قول أبى بكر الخلال لا تحمل العاقلة دية شبه العمد فلا تحمله ههنا (٢).

والثانى: أن يصيب رجلا منهم فعلى كل واحد كفارة أيضا ولا تسقط‍ عمن أصابه الحجر، لأنه شارك فى قتل نفس مؤمنة، والكفارة انما تجب لحق الله تعالى فوجبت عليه بالمشاركة فى قتل نفسه كوجوبها بالمشاركة فى قتل غيره. وأما الدية ففيها ثلاثة أوجه:

أحدها: ان على عاقلة كل واحد منهم ثلث ديته لورثة المقتول، لأن كل واحد منهم مشارك فى قتل نفس مؤمنة خطأ فلزمته ديتها كالأجانب، وهذا ينبنى على احدى الروايتين فى جناية المرء على نفسه أو أهله خطأ تحمل عقلها عاقلته.

والوجه الثانى: ما قابل فعل المقتول ساقط‍ لا يضمنه أحد، لأنه شارك فى اتلاف حقه، فلم يضمن ما قابل فعله، كما لو شارك فى قتل بهيمته أو عبده.

الوجه الثالث: أن يلغى فعل المقتول فى نفسه، وتجب ديته بكمالها على عاقلة الآخرين نصفين.

وأن رجع الحجر فقتل اثنين من الرماة.

فعلى الوجه الأول تجب ديتهما على عواقلهم أثلاثا، وعلى كل واحد كفارتان.


(١) نهاية المحتاج ج ٧ ص ٣٤٩، ٣٥٠.
(٢) المغنى ج ٩ ص ٥٥٨ - ٥٥٩.