للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى احرامه المتحلل منه بالعمرة بين الحل والحرم، لأن كل احرام يجب فيه الجمع بين الحل والحرم، وهذا اذا كان قد أحرم أولا بالحج من الحرم، أما لو أحرم بحجه أولا من الحل فلا يحتاج للخروج ثانية الى الحل، ولا يجوز له التحلل ان استمر على احرامه حتى دخل وقت الحج فى العام القابل، فان خالف وتحلل بعمرة فقيل يمضى تحلله ويكون متمتعا، وقيل لا يمضى تحلله وهو باق على احرامه وما فعله من التحلل لغو (١).

[مذهب الشافعية]

قال الشافعية: من أحصر عن اتمام حج أو عمرة جاز له التحلل لأن الرسول لما صد عن البيت وكان معتمرا تحلل وأمر أصحابه بالتحلل لأن فى مصابرة الاحرام الى أن يأتوا بالأعمال مشقة وحرج وقد رفعه الله تعالى عنا. ولو منعوا من الرجوع أيضا جاز لهم التحلل فى الأصح، واذا جاز التحلل فان كان المحصر واجدا للهدى لم يجز له أن يتحلل حتى يهدى لقوله تعالى:

«فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ».

ويجب أن ينوى بالهدى التحلل لأن الهدى قد يكون للتحلل وقد يكون لغيره فوجب أن ينوى ليميز بينهما ثم يحلق.

وعلى القول بأن الحلق نسك حصل له التحلل بالهدى والنية والحلق، وعلى القول بأن الحلق ليس بنسك حصل له التحلل بالنية والهدى، فان كان عادما للهدى حسا أو شرعا كأن احتاج اليه أو الى شنه أو وجده غاليا فقيل لا بدل له لعدم ورود البدل فى الآية فيبقى فى ذمته، والأظهر أن له بدلا كغيره من الدماء ويكون البدل طعاما فيقوم فان عجز صام عن كل مد من المقوم به يوما كما فى الدم الواجب، وله اذا انتقل الى الصوم التحلل فى الحال على الأظهر بالحلق والنية، وقيل لا يتحلل الا بعد الصوم، ولا يجوز له التحلل اذا أحصره المرض لأنه لا يتخلص بالتحلل من الأذى الذى هو فيه فلا يتحلل كمن ضل الطريق، وتحلل الرقيق يكون بالنية والحلق (٢).

[مذهب الحنابلة]

قال الحنابلة: ويكون التحلل بذبح هدى شاة أو سبع بدنة، أو سبع بقرة لقوله تعالى «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ»، وينوى بذبح الهدى التحلل وجوبا، لقول النبى صلى الله عليه وسلم:

«إنما الأعمال بالنيات»، ولفعله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، سواء كان الحصر عاما أو خاصا، وسواء كان المنع قبل الوقوف بعرفة أو بعده.

ولا يحل المحصر القادر على الهدى قبل ذبحه، فان كان معه هدى قد ساقه أجزأه وان لم يكن معه لزمه شراؤه ان أمكنه، فان لم يمكنه صام عشرة أيام بنية التحلل ثم حل، ولا اطعام فى الاحصار لعدم وروده


(١) الشرح الكبير ج‍ ٢ ص ٩٣ وما بعدها والشرح الصغير ج‍ ١ ص ٢٨٤ الطبعة السابقة.
(٢) المهذب ج‍ ١ ص ٢٣٤، ٢٣٥ الطبعة السابقة ونهاية المحتاج ج‍ ٣ ص ٣٥١، وما بعدها، الطبعة السابقة.