الله صلّى الله عليه وسلّم الى أن يقر أربع مرات لان الحد بعد ما ظهر وجوبه للامام لا يحتمل التأخير. ولأنه لو لم يكن اختلاف المجالس فى الاقرار به واجبا وضروريا للعمل به. لما قبله النبى صلّى الله عليه وسلّم فى ماعز حيث كان يخرجه فى كل مرة ثم يعود .. ومن هذا يعلم أن الصحيح فى اعتبار اختلاف مجالس الاقرار وهو مجلس المقر لا مجلس القاضى. لأن الذى اختلف مجلسه فى قصة ماعز هو ما عز نفسه اذ كان يخرج من مجلس النبى صلى الله عليه وسلم ثم يعود .. ومجلس النبى صلى الله عليه وسلم لم يختلف.
(٦) أن تكون صيغة الاقرار بين يدى القاضى وفى مجلس قضائه اذا كان المقر به حدا خالصا لله تعالى كحد الزنا وشرب الخمر والسرقة.
فلو أقر فى غير مجلس القضاء وشهد الشهود على اقراره بالزنى أو الشرب أو السرقة لا تقبل شهادتهم عليه لأنه ان كان مقرا أمام القاضى الذى يشهد الشهود أمامه على اقراره فلا حاجة الى الشهادة لأن الحكم للاقرار لا للشهادة وان كان منكرا امام القاضى كان انكاره رجوعا منه عن الاقرار على فرض حصوله. والرجوع عن الاقرار فى الحدود الخالصة لله تعالى صحيح.
فلو كان المقر به حقا غير خالص لله تعالى بل كان حقا لله وفيه حق للعبد كحد القذف عند الحنفية أو كان الحق المقر به حقا خالصا للعبد كما فى الاموال وغيرها لم يشترط هذا الشرط لأن الرجوع عن الاقرار به غير صحيح ولا يقبل فيمكن اثباته بالبينة.
(٧) ألا تكون مشتملة على اسناد الاقرار الى حالة منافية للضمان من كل وجه. فان اشتملت على ذلك كان الاقرار باطلا ولم يجب به شئ على المقر. وذلك نحو أن يقول العبد لغيره بعد عتقه: قطعت يدك خطأ وانا عبد. وكذبه المقر له فى الاسناد وقال له: بل قطعتها وانت حر. فانه فى هذه الحالة يكون القول قول العبد ولا يجب عليه شئ للمقر له.
[أصول الاقرار]
الأصل الأول:
أنه يصح الاقرار بالمعلوم وبالمجهول:
أما بالمعلوم فظاهر كأن يقر بعين معينة أو بدين مقدر او بحق معلوم لفلان مثلا.
وأما بالمجهول فلأن الانسان قد يلزمه الحق مجهولا بأن يتلف شيئا لغيره لا يدرى قيمته او يجرح انسانا جراحة لا يعلم مقدار ارشها او يغصب من شخص مالا فى كيس لا يعرف مقداره .. ففى هذا كله لزمه الحق مجهولا. فلو لم يصح الاقرار فى ذلك كله مع الجهالة لضاعت هذه الحقوق .. فاحياء لها ولامثالها أجيز الاقرار بالمجهول .. وينبنى على ذلك أنه لو قال: لفلان على شئ أو حق صح اقراره .. ونظرا لأنه لا يمكن القضاء بالمجهول لو وقعت خصومة امام القضاء فى مثل هذا الاقرار. ولأن التجهيل من جانب المقر .. قالوا: أنه يلزم بالبيان ولا يقبل منه البيان الا اذا فسر بشئ له قيمة. فلو فسره بما لا قيمة له كحبة حنطة او حفنة تراب وما اشبه ذلك لم يصدق فيه ولا يقبل منه. لأنه يكون رجوعا عن الاقرار والرجوع عن الاقرار فى