للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه حتى لا تطيقُه اليد سواء جعلت النار على موضع النجاسة أو تحته أو وصلته الحرارة التى لا تطيقها اليد حتى ولو لم تترك أثرا، وللإباضية فى غبار النجس ورماده قولان: أحدهما أنه يطهر بالإحراق والراجح عندهم أنه لا يطهر بالاحراق لان غبرة الشئ جزء لطيف منه، أما دخانه فقد قالوا بطهارته لأنه لا توجد فيه ذات النجس ولا طعمه ولا لونه ولا رائحة يحكم عليه بالنجاسة بها، أما المتنجس بغيره فلا خلاف عندهم فى طهارة غباره ورماده وجمره ودخانه.

[استحالة الخمر الى شئ آخر]

[مذهب الحنفية]

تطهر الخمر بالتخلل وذلك بالقاء شئ فيها وهو كالتخلل بنفسها وذلك لانقلاب عينها، قال فى الفتح: ولو صب ماء فى خمر أو بالعكس ثم صار خلا طهر فى الصحيح بخلاف ما لو وقعت فيها فأرة ثم أخرجت بعد ما تخللت فى الصحيح لأنها تنجست بعد التخلل بخلاف ما لو أخرجت قبله، وكذا لو وقعت فى العصير أو ولغ فيه كلب ثم تخمر ثم تخلل لا يطهر وهو المختار كما فى البحر عن الخلاصة، وفى الخانية: خمر صب فى قدر الطعام ثم صب فيه الخل وصار حامضا بحيث لا يمكن أكله لحموضته، وحموضته حموضة الخل لا بأس بأكله، وعلى هذا كل ما صب فيه الخل وصار خلا، وكذا لو وقعت فأرة فى خمر واستخرجت قبل التفسخ ثم صارت خلا حل فلو بعده لا يحل، والخل النجس لم يتغير، واذا ألقى فى الخمر رغيف أو بصل ثم صار الخمر خلا فالصحيح أنه طاهر (١).

[مذهب المالكية]

فى التاج (٢) والاكليل قال ابن رشد:

لا خلاف أن الخمر نجسة واذا تخللت من ذاتها طهرت وفى الحطاب: والخمر اذا تحجر أى صار حجرا وهو المسمى بالطرطار ويستعمله الصباغون، فاذا ذهب منه الاسكار طهر أما لو كان الاسكار باقيا فيه بحيث لو بل فشرب أسكر فليس بطاهر ونقله البرزلى عن المازرى فى مسائل الأشربه، ولو تخللت الخمر بالقاء شئ فيه كالخل والملح والماء ونحوه يطهر الخل وما ألقى فيه قاله فى الجواهر والذخيرة وغيرهما، ونقل البرزلى أنه لو وقع فى قلة خمر ثوب ثم تخللت والثوب فيها طهر الثوب والخل، قال البرزلى فى أواخر الاشربة: اذا بقى فى اناء الخمر يسير فصب عليه عصير أو خل فقال أصبغ: فسد الجميع قال الباجى: أما فى العصير فصحيح لأن العصير لا يصير الخمر عصيرا فهو عصير حلت فيه نجاسة وأما الخل فلا لأن الخل يصير الخمر خلا فيطهر الجميع، ولا يستعمل ذلك الخل الا بعد مدة يقدر فيها أن الخمر تخللت فان ترك العصير حتى صار خلا طهر


(١) الدار المختار وحاشية ابن عابدين ح‍ ١ ص ٢٩٠.
(٢) التاج والاكليل بهامش الحطاب ح‍ ١ ص ٩٧.