للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى أنه لم يبق مسلم فى المدينة إلا شهد الأمر أو وصل إليه.

عرف ذلك الجماعة من النساء والصبيان والضعفاء، ولم يبق بمكة والبلاد النائية مسلم إلا عرفه وسر به (١).

ويتبين من هذا أن الظاهرية لا يعتبرون اتفاق غير الصحابة فيما وراء أصول الدين المعلومة بالضرورة إجماعا، وهذا أقرب إلى أن يكون بحثا فى الحجية لا بحثا فى مفهوم الإجماع، وسيأتى الكلام فى ذلك إن شاء الله تعالى.

مذهب الزيدية فى معنى الإجماع:

يختلف الزيدية عن الإمامية فى تعريف الإجماع، إذ يرون أنه اتفاق المجتهدين على أحد وجهين:

الوجه الأول: «اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فى عصر على أمر»، وهذا شامل للعترة وغيرهم.

الوجه الثانى: «اتفاق المجتهدين من عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعده فى عصر على أمر»، والمراد بعترة الرسول على وفاطمة والحسنان فى عصرهم، ومن كان منتسبا إلى الحسنين فى كل عصر من قبل الآباء، فلو قام إجماع العترة على أمر وخالفهم غيرهم فلا يعتبر خلافهم ناقضا للإجماع.

وقولهم «من قبل الآباء» يخرج به من كان من قبل الإناث كأولاد سكينة بنت الحسين بن على فإنها تزوجت بمصعب بن الزبير فمن كان من جهتهما فلا يدخل (٢).

مذهب الإمامية فى معنى الإجماع:

إن الشيعة الإمامية يعرفون الإجماع بأنه «كل اتفاق يستكشف منه قول المعصوم سواء أكان اتفاق الجميع أو البعض، فلو خلا المائة من الفقهاء من قول المعصوم ما كان حجة ولو حصل فى اثنين كان قولهما حجة (٣).

وهذا يفيد أن الإجماع من حيث كونه إجماعا، ليست له قيمة عند الإمامية ما لم يكشف عن قول المعصوم فإذا كشف عن قوله فالحجة فى الحقيقة هو المنكشف، لا الكاشف، فيدخل حينئذ فى السنة، ولا يكون دليلا مستقلا فى مقابلها ومقابل الكتاب، ولذلك يقرر بعضهم أنه إنما عد بين الأدلة تكثيرا لها (٤).

مذهب النظام فى معنى الإجماع:

واستكمالا للمذاهب الأصولية فى تعريف الإجماع نورد تعريف النظام المعتزلى له، وهو يقول «الإجماع عبارة عن كل قول قامت حجته وان كان قول واحد» (٥).


(١) ج‍ ٤ ص ١٤٩ من الأحكام لابن حزم المطبوع بمطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٤٥ هـ‍.
(٢) انظر هداية العقول إلى غاية السول من كتب الزيدية للحسين بن القاسم بن محمد صفحة ٤٩٠ وما بعدها، وقد سبقت الإشارة إلى المطبعة وسنة الطبع، وانظر أيضا كتاب «الكاشف لذوى العقول عن وجوه معانى الكافل بنيل السول» فى أصول الزيدية المطبوع بصنعاء سنة ١٣٤٦ هـ‍.
(٤،٣)) الرياض الناضرة فى أحكام العترة الطاهرة ص ٣٥ وما بعدها، ص ٤٩ من كتاب فرائد الأصول للشيخ مرتضى الانصارى الشيعى الإمامى، وهو مطبوع بالحجر سنة ١٣٧٤ هـ‍ بمدينة قم.
(٥) ج‍ ١ ص ١٧٣ من المستصفى للغزالى.