للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع شريكه لا ما ينقسم ولا ما لا ينقسم ولا على أن يقاومه فيبيع أحدهما من الآخر، لكن من شاء من الشريكين أو الشركاء أن يبيع حصته فله ذلك ومن أبى لم يجبر فإن أجبره على ذلك حاكم أو غيره فسخ حكمه أبدا وحكم فيه بحكم الغصب برهان ذلك قول الله تبارك وتعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ألا أن تكون تجارة عن تراض منكم" (١) ومن أجبر على بيع حقه فلم يرض فلا يجوز عليه لأنه خلاف أمر الله فهو أكل مال بالباطل إلا حيث أمر الله تعالى بالبيع وإن لم يرض كالشفعة وعلى الغائب وعلى الصغير وعلى الظالم، واحتج القائلون بإجبار الشريك على البيع مع شريكه بخبر روى فيه "لا ضرر ولا ضرار" وهذا خبر لم يصح قط، إنما جاء مرسلا أو من طريق فيها إسحاق بن يحيى وهو مجهول، ثم لو صح لكان حجة عليهم لأن أعظم الضرار والضرر هو الذي فعلوه من إجبارهم إنسانا على بيع ماله بغير رضاه وبغير أن يوجب الله تعالى علمه ذلك، وما أباح الله تعالى قط أن يراعى رضا أحد الشريكين بإسخاط شريكه في ماله نفسه وهذا هو الجور والظلم الصراح، ولا فرق بين أن يجاب أحد الشريكين إلى قوله لابد من أن يبيع شريكى معى لأستجزل الثمن في حصتى مبين أن يجاب الآخر إلى قوله لا بد من أن يمنع شريكى من بيع حصته لأن في ذلك ضررا على في حصتى وكلا الأمرين عدوان وظلم لكن الحق أن كليهما ممكن من حصته من شاء باع حصته ومن شاء أمسك حصته، وقد موهوا في ذلك بما روينا من طريق وكيع حدثنا أبو بشر عن أن ابن نجيح عن مجاهد أن نخلة كانت لإنسان في حائط آخر فسأله أن يشتريها منه فأبى فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر في الإسلام" وهذا مرسل، ثم لو صح لكان حجة عليهم لأننا نقول لهم: نعم هذا منع من أن يجبر الآخر على الشراء من شريكه وهو لا يريد ذلك أو على البيع منه أو من غيره وهو لا يريد ذلك، فهذان ضرر ظاهر. وذكروا أيضا ما رويناه من طريق أبى داود عن واصل مولى أبى عينية بإسناده قال سمعت محمد بن على يحدث عن سمرة بن جندب أنه كانت له عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار قال: ومع الرجل أهله فكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به فطلب إليه أن يبيعه أو يناقله فأبى فذكر ذلك للنبى - صلى الله عليه وسلم - فطلب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعه فأبى فطلب إليه أن يناقله فأبى، قال: فهبه له ولك كذا وكذا أمرا رغبه فيه فأبى فقال: أنت مضار فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأنصارى: اذهب فاقلع نخله. قال أبو محمد: هذا منقطع لأن محمد بن علي لا سماع له من سمرة، ثم لو صح لكانوا مخالفين له في موضعين، أحدهما أنهم لا يجبرون غير الشريك على البيع من جاره ولا على البيع معه، وفى هذا الحديث خلاف ذلك، والثانى قلع نخله وهم لا يقولون بهذا (٢).

[مذهب الزيدية]

جاء في شرح الأزهار أنه إذا تنازع البائع والمشترى أيهما يسلم أولا فالصحيح للمذهب أنه يقدم تسليم الثمن إن حضر المبيع بحيث يمكن قبضه عقيب تسليم الثمن ليستويا في التعيين، فإن كان المبيع غائبا لم يلزم المشترى تقديم


(١) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.
(٢) المحلى لابن حزم الظاهرى جـ ٩ ص ٢٨. مسألة رقم ١٥٤٠ الطبعة السابقة.