للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تجب عليها قبله وهى إرضاعه وهذا في الحكم، وأما في الفتوى فتفتى بأنها ترضعه لقول الله عز وجل: "لا تضار والدة بولدها" قيل في بعض تأويلات الآية أي لا تضار بولدها بأن ترميه على الزوج بعد ما عرفها وألفها، ولا ترضعه فيتضرر الولد، ومتى تضرر الولد تضرر الوالد لأنه يتألم قلبه بذلك، وقد قال الله عز وجل: "ولا مولود له بولده" أي لا يضار المولود له بسبب الإِضرار بولده، كذا قيل في بعض وجوه التأويل، ولأن النكاح عقد سكن وازدواج، وذلك لا يحصل إلا باجتماعهما على مصالح النكاح، ومنها إرضاع الولد فيفتى به ولكنها إن أبت لا تجبر عليه لما قلنا إلا إذا كان لا يوجد من يرضعه، فحينئذ تجبر على إرضاعه إذ لو لم تجبر عليه لهلك الولد، ولو التمس الأب لولده مرضعا فأرادت الأم أن ترضعه بنفسها فهى أولى لأنها أشفق عليه ولأن انتزاع الولد منها اضرارا بها وهو منهى عنه لقول الله عز وجل: "لا تضار والدة بولدها" قبل في بعض الأقاويل أي لا يضارها زوجها بانتزاع الولد منها وهى تريد إمساكه وإرضاعه فإن أرادت أن تأخذ على ذلك أجرا في صلب النكاح لم يجز لها ذلك لأن الإرضاع وإن لم يكن مستحقا عليها في الحكم فهو مستحق في الفتوى ولا يجوز أخذ الأجر على أمر مستحق لأنه يكون رشوة ولأنها قد استحقت نفقة النكاح، وأجرة الرضاع بمنزلة النفقة فلا تستحق نفقتين، ولأن أجر الرضاع يجب لحفظ الصبى وغسله وهو من نظافة البيت ومنفعة البيت تحصل للزوجين، فلا يجوز لها أن لأخذ عوضا عن منفعة تحصل لها حتى لو استأجرها على إرضاع ولده من غيرها جاز لأن ذلك غير واجب عليها فلا يكون أخذ الأجرة على فعل واجب عليها وكذا ليس في حفظه منفعة تعود إليها لأنه لا يجب عليها أن تسكنه معها وكذلك إذا كانت معتدة من طلاق رجعى لا يحل لها أن تأخذ الأجرة كما لا يجوز في صلب النكاح لأن النكاح بعد الطلاق الرجعى قائم من كل وجه، وأما المبتوتة ففيها روايتان في رواية لا يجوز لها أن تأخذ الأجر لأنها مستحقة للنفقة والسكنى في حال قيام العدة فلا يحل لها الأجرة كما لا يحل للزوجه، وفى رواية يجوز لأن النكاح قد زال بالإبانة فصارت كالأجنبية. وأما إذا انقضت عدتها فالتمست أجرة الرضاع وقال الأب أنا أجد من يرضعه بغير أجر أو بأقل من ذلك فذلك له لقول الله عز وجل "وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى" (١) ولأن في إلزام الأب بما تلتمسه الأم إضرارا بالأب وقد قال الله سبحانه وتعالى: "لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده" أي لا يضار الأب بالتزام الزياده على ما تلتمسه الأجنبية، كذا ذكر في بعض التأويلات، ولكن ترضعه عند الأم ولا يفرق بينهما لما فيه من إلحاق الضرر بالأم (٢).

[مذهب المالكية]

جاء فى التاج والإِكليل نقلا عن ابن زرب إنه إذا كان لأحد الزوجين ابن صغير لم يكن له حاضن أجبر من أبى منهما على البقاء معه، فإن أراد إخراجه بعد ذلك لم يكن ذلك لواحد منهما لدخوله عليه فإن اشترطت حضانته في الصداق


(١) الآية رقم ٦ من سورة الطلاق.
(٢) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبى بكر بن مسعود الكاسانى جـ ٤ ص ٤٠، ص ٤١ الطبعة الأولى طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ سنة ١٩١٠ م.