للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطلب الزوجان أن يجتمعا فذلك لهما ان كان السجن خاليا. فان لم يخل حبست المرأة فى محل لا رجال فيه. والمحبوس لأجل الدين لا يمنع ممن يسلم عليه من حيث انه يسلم. أما من حيث أنه يعلمه الحيلة فى خلاصة ونحو ذلك فيمنع. وكذلك يمنع من يخدمه الا اذا اشتد مرضه على المعتمد. أما الزوجة غير المحبوسة فتمنع من الاقامة مع زوجها فى السجن بقدر ما يجتمع بها، لأن المقصود من السجن التضييق عليه حتى يدفع الحق لأهله، وهذا اذا حبس فى غير دينها والا لم تمنع من الاقامة والبيات معه، لأنها ان شاءت لم تحبسه واذا وجب على المحبوس بالدين حد لشخص فانه يخرج ليقام عليه حتى ولو كان الحد قتلا، وحينئذ يؤخذ الدين من تركته ان كان له مال والا ضاع على أصحابه.

وكذلك يخرج من السجن بغير كفيل أصلا اذا ذهب عقله لعدم الفائدة فى حبسه، لأنه لا يشعر بالتضييق عليه المقصود من السجن، ويستمر خروجه الى أن يعود له عقله فيعود الى السجن. ولا يقضى بخروجه لعيادة مريض قريب له كأبيه وابنه وزوجته ولو كان مرضه شديدا. وكذلك لا يمكن من الخروج لأداء واجب شرعى كحجة الاسلام وصلاة الجمعة والعيد. كما لا يخرج للدعوى عليه.

ويوكل من يسمع عنه الدعوى. فان امتنع تسمع البينة عليه. فاذا ثبت عليه الدين يزاد السجن عليه بالاجتهاد بعد اعزاره. كما لا يمكن من الخروج لأجل عدو معه فى الحبس الا أن يخاف عليه أن يقتله العدو فى السجن فانه يخرج من ذلك الى موضع آخر يحبس فيه ويجوز ضرب مدعى الافلاس المحبوس لأجل الدين. أما وضع الحديد أو نحوه فى عنقه فلا يجوز الا ان عرف بالعداء، أى سرعة العدو. واذا ثبت افلاس المفلس قبل الحبس أو بعده وقضى القاضى بانظاره لليسار وخلى سبيله فلا يكون من حق الدائن أن يلازم المفلس بحيث كلما يأتيه شئ يأخذه منه، لأن الله سبحانه قد أوجب انظاره للميسرة. وليس للدائن منع المديون من السفر اذا ثبت اعساره حتى ولو كان الدين يحل فى غيبته أما ثابت الاعسار سواء كان موسرا أو كان الدين يحيط‍ بماله فان للدائن منعه من السفر ان كان الدين يحل قبل عودته ولم يوكل فى قضائه ولم يضمنه موسر والا فلا يمنعه ما لم يكن معروفا بالمماطلة (١).

[مذهب الشافعية]

يحرم حبس المديون اذا ثبت افلاسه عند القاضى باحدى الطرق السابقة فى اثبات الافلاس ويجب امهاله حتى يوسر للآية السابقة وتقبل بينته فقره وافلاسه فى الحال بدون توقف على حبسه. أما اذا ادعى المديون الافلاس ولم يثبت ذلك عند القاضى أو كان غريبا مجهول الحال وعجز عن اثبات افلاسه قبل حبسه فانه يحبس سواء كان محجورا عليه بسبب الافلاس أم لا، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لى الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته» (٣)، أى يحل ذمه وشتمه وتعزيره وحبسه ويظل فى الحبس لا يطلق منه الا اذا اثبت افلاسه أو رضى الدائنون جميعا بالاطلاقه. ولو قال مدعى الافلاس قبل حبسه: لى بينة بذلك وطلب امهاله أمهل ثلاثة أيام حتى ولو طالب الدائن حبسه فان أقامها لم يحبس، والا حبس الى ثبوت افلاسه ولا يحبس الوالد ذكرا كان أو أنثى وان علا فى دين ولده وان سفل ولو صغيرا أو زمنا، ولا فرق بين دين النفقة وغيرها.

كما لا يحبس قن استؤجر على عمل يتعذر فى الحبس تقديما لحق من استاجره كالمرتهن ولا يحبس ولو فى غير أوقات العمل لكن للقاضى أن يستوثق عليه مدة العمل. فان خاف هربه فعل ما يراه: وكذلك لا يحبس مريض لا ممرض له فى الحبس ولا مخدرة ولا طفل ولا مجنون كما لا يحبس وصى ولا قيم ولا وكيل بدين لا يتعلق بمعاملتهم فان وجب بمعاملتهم حبسوا. وان حبست المرأة بسبب


(١) شرح الخرشى بحاشية العدوى ج ٥ ص ٣١٩ - ٣١٤ الطبعة السابقة، الشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج ٣ ص ٢٧٨ - ٢٨٢ الطبعة السابقة، الشرح الصغير بحاشية الصاوى ج ٢ ص ١٤٧ - ١٤٩ الطبعة السابقة، شرح أبى الحسن بحاشية العدوى ج ص ٣٠٦ - ٣٠٧ طبعة المطبعة العامرة سنة ١٢٩٤.