للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب المالكية]

جاء فى حاشية الدسوقى (١): أن للامام أن يأذن للكافر أن يسكن فى غير جزيرة العرب بخلاف سكنى مكة والمدينة وما فى حكمهما من أرض الحجاز واليمن لأنه من جزيرة العرب المشار اليها بقوله عليه الصلاة والسّلام «لا يبقين دينان فى جزيرة العرب».

وفى الحطاب قال (٢) مالك يخرج من هذه المواضع كل من كان على غير الاسلام ولا يمنعون من التردد بها مسافرين وحيث قلنا أن لهم سكنى غير ذلك وهو صحيح لكنه يشترط‍ أن يسكن حيث يناله حكمنا ولا يسكن حيث يخشى منه أن ينكث ويؤمر بالانتقال فان أبوا قوتلوا قال بعض المحققين اذا أسلم أهل جهة وخفنا عليهم الارتداد اذا فقد الجيش فانهم يؤخذون بالانتقال قال ابن عبد السّلام وظاهر كلام خليل أن حكم العبيد حكم الأحرار فى عدم السكنى فى جزيرة العرب وهو قول عيسى خلاف قول ابن سيرين قاله فى التوضيح.

[مذهب الشافعية]

جاء فى نهاية المحتاج (٣): أنه يجوز للامام أن يأذن لأهل الذمة فى الاقامة والسكنى بدار الاسلام غير الحجاز بشرط‍ اعطاء الجزية، فان صورة عقد الجزية هو أن يقول لهم الامام: أقركم بدار الاسلام أو يقول لهم: أذنت فى اقامتكم بها على أن تبذلوا جزية وتنقادوا لحكم الاسلام، وهذا بالنسبة للرجل الحر البالغ العاقل، فالجزية (٤) نفرض على أهل الذمة نظير سكناهم بدارنا.

أما المرأة والخنثى ومن فيه رق والصبى فانهم لا يلتزمون بالجزية نظير سكناهم، وكذلك المجنون، فان تقطع جنونه قليلا كساعة من شهر ونحو يوم من سنة لزمته أو تقطع كثيرا كيوم ويوم فالأصح تلفيق الافاقة ان أمكن، فان بلغت أيام الافاقة سنة وجبت الجزية، لسكناه سنة بدارنا وهو كامل، فان لم يمكن أجرى عليه حكم الجنون فى الجميع كما هو المتجه.

ويمنع كل كافر من استيطان الحجاز، يعنى الاقامة به ولو بلا استيطان.

وقيل له الاقامة.

وأفهم كلامه أنه يجوز شراء أرض فيه لم يقم بها وهو الأوجه.

لكن الصواب منعه، لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كالأوانى وآلات اللهو، واليه يشير قول الشافعى:


(١) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٢ ص ٢٠١ الطبعة السابقة.
(٢) الحطاب مع التاج والاكليل فى كتاب ج ٣ ص ٣٨١ الطبعة السابقة.
(٣) نهاية المحتاج لابن شهاب الدين الرملى ج ٨ ص ٨٠، ص ٨١ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق للرملى ج ٨ ص ٨٤، ص ٨٥.