للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الظاهرية]

لم نعثر على سن يكون به العبد آبقا عندهم والذى يظهر أنهم لما اعتمدوا على اللغة فى الفرق بين الضال والآبق يكونون قد اعتبروا أن الإباق ملحوظ‍ فيه الهرب من الكد والإيذاء، ولا يكون هذا إلا من مميز فيكون التميز هو مناط‍ الإباق.

[الشيعة الإمامية]

لم نعثر على نص صريح عندهم بخصوص السن التى يكون بها الإباق، ولكنا وجدنا من النصوص ما يؤخذ منه أن الآبق يلزم أن يكون مميزا، فقد جاء فى كتاب شرائع الإسلام بصدد تقسيمه للملقوط‍ بأنه إنسان أو حيوان أو غيره «اللقيط‍: وهو كل صبى ضائع لا كافل له ولا ريب فى تعلق الحكم بالتقاط‍ الطفل غير المميز وسقوطه فى طرف البالغ العاقل وفى الطفل المميز تردد أشبهه جواز التقاطه لصغره وعجزه عن دفع ضرورته» ثم قال فى شأن من التقط‍ «ولو التقط‍ مملوكا ذكرا أو أنثى لزمه حفظه وإيصاله إلى صاحبه ولو أبق منه أو ضاع من غير تفريط‍ لم يضمن ولو كان بتفريط‍ ضمن». فهذا النص يؤخذ منه أن اللقيط‍ إذا أبق من آخذه لا يكون ضامنا واللقيط‍ هو الصغير الذى لم يبلغ على ما ذكره هو فى أول كلامه والمعقول أن الهروب لا يكون من الصغير إلا إذا كان مميزا يعقل الهرب وليس بلازم أن يكون قد بلغ سن المراهقة فغير المميز ضال وليس بهارب. (١)

[الإباضية]

لم نعثر على نص عندهم فى هذا ولكنهم لما جعلوا الأبق هو الهارب كما تقدم فإنه يمكن أن يقال إن الآبق عندهم إنما يكون آبقا إذا كان ممن يتأتى منه الهرب وهذا إنما يتصور فى سن التمييز.

[حكم أخذ الآبق]

[الحنفية]

إذا نظرنا إلى الحكم بمعنى الصفة الشرعية فإن أخذ واجده له أفضل من تركه إن كان يقدر على حفظه حتى يرد إلى مولاه وإن كان يعلم من نفسه العجز عن ذلك والضعف فلا، وذلك لأن الآبق هالك فى حق المولى فيكون الرد إحياء له، ولكن ابن الهمام اختار أن يكون فيه التفصيل الذى فى اللقطة فقال: ويمكن أن يجرى فيه التفصيل الذى فى اللقطة بين أن يغلب على ظنه تلفه على المولى إن لم يأخذه مع قدرة تامة عليه فيجب أخذه وإلا فلا، وذلك بخلاف الضال وهو الذى لم يهتد إلى طريق منزله فقد قيل أخذة أفضل لما فيه من إحياء النفوس والتعاون على البر، وقيل تركه أفضل لأنه لا يبرح مكانه منتظرا لمولاه حتى يجده وقد جعل ابن الهمام هذا الخلاف فى الضال إذا لم يعلم واجد الضال مولاه ولا مكانه فقال:

«ثم لا شك أن محل هذا الخلاف إذا لم يعلم وأجد الضال مولاه ولا مكانه أما إذا علمه فلا ينبغى أن يختلف فى أفضلية أخذه ورده (٢) وإذا أخذه وجب عليه فى اختيار


(١) شرائع الإسلام ج‍ ٢ ص ١٧٣ طبعة دار مكتبة الحياة سنة ١٩٣٠.
(٢) البداية وشرح الهداية وفتح القدير والعناية ج‍ ٤ ص ٤٣٤ الطبعة الاميرية.