للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب المالكية]

يختلف المالكية فى حكم الاستطاعة بالنسبة للحج هل هى سبب أو شرط‍، وعلى القول بأنها شرط‍ اختلفوا فى أنها شرط‍ وجوب أو شرط‍ صحة.

قال خليل ووجب الحج باستطاعة وفسر ذلك الخطاب بقوله يعنى أن سبب وجوب الحج الاستطاعة (١).

ثم قال الحطاب لكن أهل المذهب يجعلون الاستطاعة من شروط‍ الوجوب وعلى ذلك مشى ابن بشير وابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم.

ونقل عن البعض أن الاستطاعة شرط‍ من شروط‍ صحة الحج، ونقل عن زروق أن الاستطاعة شرط‍ وجوب لا صحة على الاصح.

ثم قال الحطاب فيتحصل فى الاستطاعة ثلاثة أقوال:

أحدها أنها سبب.

والثانى أنها شرط‍ فى وجوب الحج، وهما متقاربان.

والثالث أنها شرط‍ فى الصحة وهو ضعيف.

وفسروا الاستطاعة كما ذكر الحطاب بأنها امكان الوصول الى مكة بلا مشقة عظمت مع الامن على النفس والمال وهذا هو المشهور فى المذهب.

ونقل عن مالك فى كتاب محمد وفى سماع أشهب لما سئل عن قول الله تعالى «وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» الآية أذلك الزاد والراحلة؟ قال لا والله، ما ذاك الا طاقة الناس، الرجل يجد الزاد والراحلة، ولا يقدر على المسير، وآخر يقدر أن يمشى على رجليه، ولا صفة فى هذا أبين مما قال الله تعالى «مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»}.

وقيل الاستطاعة (٢). الزاد والراحلة وهو قول سحنون وابن حبيب، يدل عليه ما رواه أبو داود والترمذى من أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما سئل عن الاستطاعة قال عليه الصلاة والسّلام هى الزاد والراحلة.

قال ابن رشد فى سماع أشهب وما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم معناه فى بعيد الدار.

ونقل عن المتأخرين قبولهم التقييد بذلك، قال سحنون: الاستطاعة الزاد والراحلة لبعيد الدار والطريق المسلوك،


(١) كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر أبى الضياء خليل للحطاب وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج‍ ٢ ص ٤٩١ طبع مطبعة السعادة بمصر الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨ هـ‍.
(٢) الحطاب ج‍ ٢ ص ٤٩٢ الطبعة السابقة