للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يجوز البيع إلى أجل مجهول كالحصاد والجداد والعطاء والزريعة - وقت الزرع - والعصير وما أشبه هذا وهو قول أبى سليمان لأن كل ذلك يتقدم بالأيام ويتأخر. والحصاد والجداد يتأخران أياما إن كان المطر متواترا ويتقدمان بحر الهواء وعم المطر، وكذلك العصير، وأما الزريعة فتتأخر شهرين أو أكثر لعدم المطر، وأما العطاء فقد ينقطع جملة. فكل ذلك شرط‍ ليس فى كتاب الله فهو باطل.

ثم قال: ولا يجوز الأجل إلى صوم النصارى أو اليهود أو فطرهم ولا إلى عيد من أعيادهم لأنها من زينتهم ولعلهم سيبدو لهم فيها فهذا ممكن. وأيد ذلك (١) بما روى عكرمة عن ابن عباس لا يسلم إلى عصير ولا إلى العطاء ولا إلى الأندر، وعن سعيد ابن جبير لا تبع إلى الحصاد ولا إلى الجداد ولا إلى الدراس ولكن سم شهرا وبسنده إلى ابن سيرين أنه سئل عن البيع إلى العطاء فقال: لا أدرى ما هو وعن منصور بن إبراهيم أنه كره الشراء إلى العطاء والحصاد ولكن يسمى شهرا، وبسنده إلى الحكم أنه كره البيع إلى العطاء ثم قال:

هو قول سالم بن عبد الله بن عمر وعطاء.

وأطال قبل ذلك فى مناقشة المخالفين له.

[مذهب الزيدية]

قال صاحب البحر الزخار فى باب السلم (٢): يجب كون الأجل معلوما ويصح تقييده بالشهر الرومى والعربى والأيام المشهورة كالعيدين والنفرين - النفر إلى منى وإلى عرفة - ويوم عاشوراء لتعيينها، فإن أطلق العيد أو ربيع أو جمادى تعين الأول، وإن عين النيروز أو المهرجان أو عيد اليهود أو فطير اليهود أو فصح النصارى والشعانين صح أن عرفها المسلمون لا اليهود وحدهم إذ لا يوثق بقولهم وقال الإمام يحيى: لو قال أسلمت إليك إلى رأس الشهر لم يصح إذ لا يعلم أى يوم يطالبه ونقل عنه أنه لو قال:

أجلتك إلى شهر تدفع كل أسبوع رطلا صح لأن ما جاز إلى أجل جاز إلى أجلين وآجال قال صاحب البحر بل المذهب فى ذلك أن له إلى أخر اليوم المطلق، ورأس شهر هو فيه لأخره وإلا فللشروق فى أول يوم فيه.

ثم قال: ولو أجله خمسة أشهر تعينت القمرية إذ هى المعهودة فى الشرع لقوله تعالى: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} الآية» ويعتبر بالأهلة لا بالعدد إلا حيث دخل بعض الشهر اعتبر بالعدد وما بعده بالأهلة لقوله صلى الله عليه وسلم: « .. فإن غم عليكم فأكملوا عدته ثلاثين يوما» ونقل عن العترة وغيرهم أنه لا يصح التأجيل إلى الحصاد ونحوه للجهالة بدليل قول النبى صلى الله عليه وسلم: «لا تبايعوا إلى الحصاد والدياس ولا تبايعوا إلا إلى أجل معلوم» ونقل عن الهادى أيضا أنه لا يصح إلى قدوم غائب ونحوه للجهالة ويصح إلى وقت العطاء إن كان معلوما.

[مذهب الإمامية]

قال صاحب الروضة (٣): لا يناط‍ الأجل بما يحتمل الزيادة والنقصان، كقدوم


(١) المرجع السابق ج‍ ٨ ص ٥١٨.
(٢) ج‍ ٢ ص ٤٠١.
(٣) الروضة البهية ج‍ ١ ص ٣٣٣ طبع دار الكتاب العربى بالقاهرة.