للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإنكار في الإجارة]

[مذهب الحنفية]

جاء في (بداية المبتدى): باب الاختلاف في الإجارة: وإذا اختلف الخياط ورب الثوب، فقال رب الثوب: أمرتك أن تعمله قباء (١)، وقال الخياط: بل قميصًا، أو قال صاحب الثوب للصباغ: أمرتك أن تصبغه أحمر فصبغته أصفر، وقال الصباغ: لا بل أمرتنى أصفر، فالقول لصاحب الثوب، وإذا حلف فالخياط ضامن. وإن قال صاحب الثوب: عملته لي بغير أجر، وقال الصانع: بأجر. فالقول قول صاحب الثوب عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: إن كان الرجل حريفًا له فله الأجر، وإلا فلاء وقال محمد: إن كان الصانع معروفًا بهذه الصنعة بالأجر، فالقول قوله (٢).

وجاء في (بدائع الصنائع): ولو اختلفا فقال المؤاجر: أجرتك هذه الدابة إلى القصر بدينار، وقال المستأجر: إلى الكوفة بعشرة دراهم وأقاما البينة فهى إلى الكوفة بدينار وخمسة دراهم، لأن الاختلاف إلى القصر وقع في البدل فكانت بينة المؤاجر أولى. وتثبت الإجارة إلى القصر بدينار ثم المستأجر يدعى من القصر إلى الكوفة بخمسة؛ لأن القصر نصف الطريق. والمؤاجر يجحد هذه الإجارة، فالبينة المثبتة للإجارة أولى من النافية (٣).

[مذهب المالكية]

جاء في كتاب (المعونة): وإذا اختلف الصانع ورب السلعة في العمل، فقال الصانع: أمرتنى بكذا مثل الخياط يقول: أمرتنى بقطع الثوب قميصًا، ويقول ربه: بل قباءً، فالقول قول الخياط إذا أتى بما يشبهه. . . لأن اليمين يتوجه على أقوى المتداعين سببًا، والخياط أقوى سببًا، لأنه مأذون له في التصرف ومؤتمن عليه. فكان القول قوله مع يمينه، ولأن الظاهر معه (٤).

وجاء في (حاشية الدسوقى) قوله: يصدق دعوى الحجام في قلع ضرس أذن له فيه ونازعه ربه وقال: بل قلعت غير المأذون، وإذا صدق الحجام حلف المتهم دون غيره، كما لابن عرفة، وله المسمى كما في (المدونة)، لا أجرة المثل خلافًا لسحنون حيث قال: إن كل منهما مدع ومدعى عليه فيتحالفان. ويكون للحجام أجرة مثله لا التسمية. فإن صدق الحجام من نازعه في أن المقلوع غير المأذون فيه فلا أجرة له، وعليه القصاص في العمد والدية في الخطأ، والناب والسن كالضرس. وخصه المصنف بالذكر، لأن الغالب وقوع الألم فيه.

ثم قال: ويصدق الصباغ في دعواه صبغًا بأن قال: أمرتنى به، وقال ربه: بل بغيره، أو قال: أمرتني أن أصبغه بعشرة دراهم من الزعفران مثلًا فقال ربه: بل بخمسة. فتوزع. أي نازعه ربه فيصدق الأجير في المسائل الأربعة. وإن ادعى الصباغ نوعًا من الصبغ كزرقة صافية ونازعه رب الثوب، وقال له: أمرتك بصبغه أخضر مثلًا فالقول للصباغ (٥).


(١) قباء: نوع من الثياب. انظر: لسان العرب. مادة (قبا).
(٢) بداية المبتدى: ١/ ١٩٢.
(٣) بدائع الصنائع: ٤/ ٢١٨.
(٤) المعونة على مذهب عالم المدينة: ٢/ ٨٠٧.
(٥) حاشية الدسوقى: ٤/ ٢٩.