للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقول الله تبارك وتعالى: «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» (١). ولحديث كعب بن عجرة.

وإن حلق ثلاث شعرات كانت كفارته ما ذكرناه فى حلق الرأس لأنه يقع عليه اسم الجمع المطلق. وإن حلق شعر رأسه وشعر بدنه لزمه ما ذكرناه

وقال أبو القاسم الأنماطى يجب عليه فديتان، لأن شعر الرأس مخالف لشعر البدن.

والمذهب الأول، لأنهما وإن اختلفا فى النسك إلا أن الجمع جنس واحد فاجزأه لهما فدية واحدة.

وإن قبل (٢) امرأته بشهوة أو باشرها فيما دون الفرج بشهوة لم يفسد حجه، لأنها مباشرة لا توجب الحد، فلم تفسد الحج، كالمباشرة لغير شهوة، ويجب عليه فدية الأذى لأنه استمتاع لا يفسد الحج، فكانت كفارته ككفارة فدية الأذى.

[مذهب الحنابلة]

تجب الفدية بحلق (٣) المحرم رأسه ولا خلاف فى ذلك

فقد قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم علي وجوب الفدية على من حلق وهو محرم بغير علة.

والأصل فى ذلك قول الله تبارك وتعالى: «وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» (٤).

ولا فرق فى ذلك بين العامد والمخطئ ومن له عذر ومن لا عذر له فى ظاهر المذهب، لأنه اتلاف، فاستوى عمده وخطأه كقتل الصيد، ولأن الله تعالى أوجب الفدية على من حلق رأسه لأذى به، وهو معذور، فكان ذلك تنبيها على وجوبها على غير المعذور، ودليلا على وجوبها على المعذور ودليلا على وجوبها على غير المعذور بنوع آخر مثل المحتجم الذى يحلق موضع محاجمه أو شعرا عن شجته.

وفى معنى الناسى النائم الذى يقلع شعره أو يصوب شعره إلى تنور فيحرق لهب النار شعره ونحو ذلك.

والفدية هى إحدى الثلاثة المذكورة فى الآية.

ولخبر أيها شاء فعل، لأنه أمر بها بلفظ‍ التخيير.

ولا فرق فى ذلك بين المعذور وغيره والعامد والمخطئ فى رواية.

وعن أحمد أنه اذا حلق لغير عذر فعليه الدم من غير تخيير، لأن الله تعالى خير بشرط‍ العذر، فإذا عدم الشرط‍ وجب زوال التخيير.

ودليل الرأى الأول أن الحكم ثبت فى غير المعذور بطريق التنبيه تبعا له والتبع لا يخالف أصله وأن كل كفارة ثبت التخيير فيها إذا كان سببها


(١) الآية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.
(٢) المهذب لأبى اسحاق الفيروزابادى الشيرازى ج ١ ص ٢١٦ وما بعدها الطبيعة السابقة.
(٣) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٣ ص ٥٢٠ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) الآية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.