للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التلف ليس من فعل أحد، ويحلف على البت فى فعل نفسه سواء كان نفيا أو اثباتا لان علمه يحيط‍ بحاله فيما فعل وفيما لم يفعل، وان حلف على فعل غيره فان كان فى اثبات حلف على البت أيضا كبيع واتلاف وغصب لان له طريقا الى العلم بما فعل غيره وان كان على نفى حلف على نفى العلم فيقول: والله لا أعلم أن أبى أخذ منك مالا ولا أعلم أن أبى أبرأك من دينه لانه لا طريق له الى القطع بالنفى فلم يكلف اليمين عليه الا أنه فى نهاية المحتاج فصل فى الحلف على فعل الغير فى النفى فقال: ان كان فعل الغير نفيا غير محصور فانه يحلف على نفى العلم مثل: لا أعلمه فعل كذا لعسر الوقوف على العلم به، وان كان محصورا فانه يحلف فيه على البت.

ثم قال فى نهاية المحتاج (١): ولو ادعى دينا لمورثه فقال: أبرأنى منه حلف على البت ان شاء أو على نفى العلم بالبراءة لانه حلف على نفى فعل الغير، ولو قال:

جنى وعبدك على بما يوجب كذا فالاصح حلفه على البت ان أنكر، والرأى الثانى أنه يحلف على نفى العلم لتعلقه بفعل الغير ثم قال: ويعتبر فى اليمين موالاتها والمراد بالموالاة أن لا يفصل بين قوله والله وقوله ما فعلت كذا مثلا ثم قال (٢):

ويعتبر نية القاضى المستحلف أو نائبه أو المحكم وغيره من كل من له ولاية التحليف لا نية الحالف قال فى حاشية الشبراملسى وأما الظلمة فتنفع التورية عندهم فلا كفارة عليه وان أثم الحالف ومن ذلك شيوخ البلدان والاسواق فتنفعه التورية عندهم والدليل على اعتبار نية المستحلف خبر مسلم «اليمين على نية المستحلف» وحمل على القاضى لانه الذى له ولاية الاستحلاف.

[مذهب الحنابلة]

اليمين المشروعة (٣) هى اليمين بالله جل اسمه لقول الله عز وجل «وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ» (٤) وللاخبار الواردة فى ذلك وتجزئ بالله وحده وقد استحلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ركانة بن عبد يزيد فى الطلاق فقال:

والله ما أردت الا واحدة وقال عثمان رضى الله عنه لابن عمر: تحلف بالله لقد بعته وما به داء تعلمه، وان رأى الحاكم تغليظ‍ اليمين بلفظ‍ أو زمان أو مكان فاضلين جاز ولم يستحب لانه أردع للمنكر، والتغليظ‍ فى اللفظ‍ أن يقول:


(١) نهاية المحتاج ج‍ ٨ ص ٣٣٢.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٨ ص ٣٣٣.
(٣) هداية الطالب لشرح عمدة الطالب ص ٥٦٧ مطبعة المدنى بمصر سنة ١٣٨٠ هـ‍ والمغنى لابن قدامة وبهامشه الشرح الكبير ج‍ ١٢ ص ١١٣ الطبعة السابقة وكشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الارادات ج‍ ٤ ص ٢٨٧ الطبعة السابقة.
(٤) الاية رقم ١٠٩ من سورة الانعام.