للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طاهرا كان سؤره طاهرا واذا كان نجسا كان سؤره نجسا (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أن كل شئ مائع من ماء أو زيت أو سمن أو لبن أو ماء ورد أو عسل أو مرق أو طيب أو غير ذلك أى شئ كان اذا وقعت فيه نجاسة أو شئ حرام يجب اجتنابه أو ميتة فان غير ذلك لون ما وقع فيه أو طعمه أو ريحه فقد فسد كله. وحرم أكله ولم يجز استعماله ولا بيعه فان لم يغير شيئا من لون ما وقع فيه ولا من طعمه ولا من ريحه فذلك المائع حلال أكله وشربه واستعماله.

والوضوء حلال بذلك الماء. والتطهر به فى الغسل أيضا كذلك.

الا أن البائل فى الماء الراكد الذى لا يجرى حرام عليه الوضوء بذلك الماء والاغتسال به لفرض أو لغيره وحكمه التيمم ان لم يجد غيره.

وذلك الماء طاهر حلال شربه له ولغيره ان لم يغير البول شيئا من أوصافه وحلال الوضوء به والغسل به لغيره.

فلو أحدث فى الماء أو بال خارجا منه ثم جرى البول فيه فهو طاهر. ويجوز الوضوء منه والغسل له ولغيره. الا أن يغير ذلك البول أو الحدث شيئا من أوصاف الماء فلا يجزئ حينئذ استعماله أصلا لا له ولا لغيره. وحاشى ما ولغ فيه الكلب فانه يهرق ولا بد (٢).

ولو بنجس الماء بما يلاقيه من النجاسات ما طهر شئ أبدا لأنه كان اذا صب على النجاسة لغسلها ينجس على قولهم ولا بد واذا تنجس وجب تطهيره وهكذا أبدا ولو كان كذلك لتنجس البحر والأنهار الجارية كلها. لأنه اذا تنجس الماء الذى خالطته النجاسة وجب أن يتنجس الماء الذى يماسه أيضا ثم يجب أن يتنجس مامسه أيضا كذلك أبدا. وهذا لا مخلص منه.

وأما اذا تغير لون الحلال الطاهر بما مازجه من نجس أو حرام. أو تغير طعمه بذلك أو تغير ريحه بذلك فاننا حينئذ لا نقدر على استعمال الحلال الا باستعمال الحرام. واستعمال الحرام فى الأكل والشرب وفى الصلاة حرام كما قلنا ولذلك وجب الامتناع منه لا لأن الحلال الطاهر حرم ولا تنجست عينه.

ولو قدرنا على تخليص الحلال الطاهر من الحرام والنجس لكان حلالا بحسبه وكذلك اذا كانت النجاسة أو الحرام على جرم طاهر فأزلناها. فان النجس لم يطهر والحرام لم يحل. لكنه زايل الحلال الطاهر. فقدرنا على أن نستعمله حينئذ حلالا طاهرا كما كان.

وكذلك اذا استحالت صفات عين النجس أو الحرام فبطل عنه الاسم الذى به ورد ذلك الحكم فيه. وانتقل الى اسم آخر وارد على حلال طاهر فليس هو ذلك النجس ولا الحرام بل قد صار شيئا آخر ذا حكم آخر. وكذلك اذا استحالت صفات عين الحلال الطاهر فبطل عنه الاسم الذى به ورد ذلك الحكم فيه.

وانتقل الى اسم آخر وارد على حرام أو نجس. فليس هو ذلك الحلال الطاهر. بل قد صار شيئا آخر ذا حكم آخر. كالعصير يصير خمرا. وكالماء يصير بولا. والطعام يصير عذرة والعذرة والبول تدهن بهما الأرض فيعودان ثمرة حلالا. ومثل هذا كثير. وكنقطة ماء تقع فى خمر أو نقطة خمر تقع فى ماء. فلا يظهر لشئ من ذلك أثر.

وهكذا كل شئ والأحكام للأسماء والأسماء


(١) المغنى والشرح الكبير لابن قدامة المقدسى ج ١ ص ٤٥ الطبعة السابقة
(٢) المحلى لابن محمد على بن احمد بن سعيد ابن حزم ج ١ ص ١٣٥، ص ١٣٦ مسئلة رقم ١٣٦ طبع ادارة الطباعة المنيرية