للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جلده ليس عليه حد. ولأن الاقرار انما يثبت به المقر به لوجود الداعى الى الصدق وانتفاء التهمة عنه. فان العاقل لا يتهم بقصد الاضرار بنفسه ومع الاكراه يغلب على الظن أنه قصد باقراره دفع ضرر الاكراه. فانتفى ظن الصدق عنه فلم يقبل (١).

[مذهب الظاهرية]

اشترط‍ ابن حزم لصحة الاقرار عدم الاكراه (٢).

[مذهب الزيدية]

لا يصح اقرار المكره (٣).

[الاكراه على أخذ المال أو اتلافه]

[مذهب الحنفية]

رخص لمكره اتلاف مال مسلم أو ذمى اذا أكره بقتل أو قطع ويؤجر لو صبر لأخذه بالعزيمة لأن أخذ مال الغير من المظالم وحرمة الظلم لا تنكشف ولا تباح بحال كالكفر. فاذا أتلف المال ضمن المكره بكسر الراء لأن المكره بفتح الراء كالآلة (٤). والمكره على أخذ المال لا يضمن ما أخذه اذا نوى الآخذ أنه يرده على صاحبه والا ضمن وفى حالة عدم ضمانه يكون الضمان على الآمر. واذا اختلف المالك والمكره فى النية فالقول للمكره مع يمينه لانكاره الضمان والمكره على الأخذ والدفع يحل له البيع ما دام حاضرا عنده المكره بالكسر والا لم يحل لزوال القدرة والالجاء بالبعد عنه. وبهذا يتبين أنه لا عذر لأعوان الظلمة فى الأخذ عند غيبة الأمير أو رسوله (٥). ولو هدد السلطان وصى اليتيم ليدفع مال اليتيم اليه فان كان التهديد بملجئ ففعل لم يضمن وان هدده بأخذ ماله فان علم أنه يأخذ بعض ماله ويترك له ما يكفيه لا يسعه فان فعل ضمن مثله وان خشى أخذ جميع ماله اعتبر تهديدا بملجئ فهو معذور. ولو أكره شخص بالحبس على أن يطرح ماله فى ماء أو نار ففعل لم يضمن المكره شيئا ولو أكرهه بالحبس على أن يأمر انسانا بأن يطرح ماله فى ماء أو نار فأمره بذلك ففعله المأمور كان المكره ضامنا ولا شئ على المكره الا أن يكون الطارح مكرها من جهته بوعيد تلف فحينئذ يكون الضمان على المكره. كذلك لو أكرهه بالحبس على أن يأذن له فى أن يأخذ ماله فيهبه أو يأكله أو يستهلكه ففعل ذلك كان المستهلك ضامنا لأن الأمر بالتهديد بالحبس لغو فكأنه فعل بغير أمره (٦).

[مذهب الشافعية]

يباح بالاكراه اتلاف مال الغير بل يجب قطعا كما يجب على المضطر أكل طعام


(١) المغنى ج‍ ١٠ ص ٧٢ والشرح ص ١٩٤.
(٢) المحلى لابن حزم ج‍ ٨ ص ٢٥٠.
(٣) شرح الأزهار ج‍ ٢ ص ٣٨٢، ج‍ ٤ ص ١٥٨.
(٤) رد المحتار على الدر المختار ج‍ ٥ ص ١١٥.
(٥) رد المحتار على الدر المختار ج‍ ٥ ص ١٢١
(٦) المبسوط‍ للسرخسى ج‍ ٢٤ ص ١٢٠.