للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى القول بأن النجاسات تطهر بالإحراق إذا استحالت مادتها قالوا إن السرقين (الزبل أو العذرة، فضلة الإنسان) إذا أحرقت حتى صارت رمادا طهرت.

واذا أحرق رأس الشاة الملطخ بالدم وزال عنه الدم يحكم بطهارته.

واذا لبن اللبن (عجن اللبن: وهو الطوب المضروب من الطين) بالماء النجس واحرق صار طاهرا.

وكذلك الكوز أو القدر إذا طبخ من طين نجس يطهر بالإحراق.

والإناء من الحديد أو الخزف أو الحجر إذا دخلت النجاسة فى أجزائه فإنه يطهر بالإحراق.

[مذهب المالكية]

وذكر المالكية فى ذلك رأيين:

أحدهما: أن النجاسات تطهر بالإحراق … قاله الدردير فى شرح بلغة السالك على الشرح الصغير (١)، وقاله ابن رشد كذلك (٢).

والثانى: أن النجاسات لا تطهر بالإحراق (٣) وذلك مفهوم من قال بنجاسة دخان النجاسات المحترقة ورمادها.

[مذهب الشافعية]

وقال الشافعية (٤) بالتفرقة بين ما هو نجس لعينه، وما هو نجس لمعنى فيه.

فأما الأشياء النجسة لعينها كالعذرة والسرجين وعظام الميتة ونحوها فقالوا لا تطهر بالإحراق، وأما إذا كانت نجاستها لمعنى كالخمر - فإنها بإحراقها يزول هذا المعنى، فتطهر بالإحراق.

فاذا طبخ اللبن (الطوب النئ) الذى خلط‍ بطينة السرجين لم يطهر لأن النار لا تطهر النجاسة.

[مذهب الحنابلة]

وقال الحنابلة (٥): لا تطهر النجاسة بالإحراق ولا بالاستحالة ولو أحرق السرجين النجس فصار رمادا لم تطهر لأنها نجاسة لم تحصل بالاستحالة. فلم تطهر بها كالدم إذا صار قيحاً أو صديداً. وعلى هذا الأساس اعتبر الخمر كأن تتحول إلى خل فإنها نجسة بالاستحالة، فجاز أن تطهر بها. وقالوا لا تطهر الأرض بشمس ولا ريح ولا جفاف، وقالوا لا تطهر نجاسة بنار فرمادها ودخانها وبخارها وغبارها نجس.

[مذهب الظاهرية]

وقال الظاهرية (٦): تطهر الأعيان النجسة بإحراقها، فإذا أحرقت العذرة أو الميتة أو تغيرت فصارت رمادا أو ترابا فكل ذلك طاهر. ويتيمم به.


(١) ج‍ ١ ص ١٩.
(٢) الحطاب ج‍ ١ ص ١٠٦ وما بعدها.
(٣) المرجع السابق ج‍ ١ ص ١٠٦ وما بعدها.
(٤) المهذب ج‍ ١ ص ٤٨ وما بعدها، ونهاية المحتاج ج‍ ١ ص ٢٢٩ وما بعدها، والمجموع ج‍ ٢ ص ٥٧٩ وما بعدها.
(٥) كشاف القناع ج‍ ١ ص ٨٧، ١٦ والمغنى ج‍ ١ ص ٧٤٤.
(٦) المحلى ج‍ ١ ص ١٢٨ وما بعدها.