للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الا الى مثل ما ينظر اليه منها، واختاره أبو بكر.

أما من يباح له النظر من الأجانب فذلك كالطبيب، فانه يباح له النظر الى ما تدعو اليه الحاجة من بدنها من العورة وغيرها، فانه موضع حاجة، وقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم لما حكم سعدا رضى الله عنه فى بنى قريظة كان يكشف عن مؤتزرهم.

وللشاهد كذلك النظر الى وجه المشهود عليها، لتكون الشهادة واقعة عليها بذاتها.

وان عامل امرأة فى بيع أو اجارة فله النظر الى وجهها ليعلمها بعينها (١).

ومن أراد أن يتزوج امرأة فله أن ينظر اليها من غير أن يخلو بها، وقد روى جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب أحدكم المرأة فان استطاع أن ينظر الى ما يدعوه الى نكاحها فليفعل، ولأن النكاح عقد يقتضى التمليك فكان للعاقد النظر الى المعقود عليه، ولا بأس بالنظر اليها باذنها وغير اذنها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالنظر وأطلق، ولا ينظر اليها نظرة تلذذ وشهوة ولا لريبة.

قال أحمد رحمه الله فى رواية صالح:

ينظر الى الوجه، ولا يكون عن طريق لذة، وله أن يردد النظر اليها ويتأمل محاسنها، لأن المقصود لا يحصل الا بذلك.

ولا يباح النظر الى ما لا يظهر عادة، وأما ما يظهر غالبا سوى الوجه كالكفين والقدمين ونحو ذلك مما تظهره المرأة فى منزلها ففيه روايتان:

احداهما: لا يباح النظر اليه كالذى لا يظهر، فان عبد الله رضى الله عنه روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المرأة عورة، ولأن الحاجة تندفع بالنظر الى الوجه فبقى ما عداه على التحريم.

والثانية: أن له النظر الى ذلك، قال أحمد رحمه الله فى رواية حنبل: لا بأس أن ينظر اليها والى ما يدعوه الى نكاحها من يد أو جسم (٢) ونحو ذلك، قال أبو بكر لا بأس أن ينظر اليها عند الخطبة حاسرة.

ولا يجوز للأجنبى الخلوة بالمرأة حتى ولو كان يقصد الخطبة، لأنها محرمة، ولم يرد الشارع بغير النظر فبقيت على التحريم، ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخلون رجل بامرأة، فان ثالثهما الشيطان.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى: لا يحل لأحد أن ينظر من أجنبية لا يريد زواجها


(١) المغنى لابن قدامة والشرح الكبير على متن المقنع ج‍ ٧ ص ٤٦٠، الطبعة الأولى فى مطبعة المنار بمصر سنة ١٣٤٥ هـ‍.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ٤٥٣.