للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى «وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ، وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (١).

والأمة يباح النظر منها الى ما يظهر غالبا كالوجه والرأس واليدين والساقين، لأن عمر رضى الله عنه رأى امرأة متلثمة فضربها بالدرة وقال: يا لكاع! أتتشبهين بالحرائر؟

وروى أبو حفص باسناده أن عمر كان لا يدع أمة تقنع فى خلافته، وقال: انما القناع للحرائر، لكن ان كانت الأمة جميلة يخاف منها الفتنة حرم النظر اليها.

قال أحمد فى الأمة: اذا كانت جميلة تتنقب، وأما الطفلة التى لا تصلح للنكاح فلا بأس بالنظر اليها. قال أحمد فى رواية الأثرم فى رجل يأخذ الصغيرة فيضعها فى حجره ويقبلها، فان كان يجد شهوة فلا، وان كان لغير شهوة فلا بأس. فأما اذا بلغت حدا تصلح للنكاح، كابنة تسع، فان عورتها مخالفة لعورة البالغة، فيحتمل أن يكون حكمها حكم ذوات المحارم.

وقد روى أبو بكر عن ابن خديج قال:

قالت عائشة رضى الله عنها: دخلت على ابنة أخى مزينة، فدخل على النبى صلى الله عليه وسلم فأعرض، فقلت: يا رسول الله انها ابنة أخى وجارية، فقال: «اذا عركت (أى حاضت) المرأة لم يجز لها أن تظهر الا وجهها والا ما دون هذا» وقبض على ذراع نفسه فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى أو نحوها، وذكر حديث أسماء السابق.

وأما من ذهبت شهوته من الرجال لكبر أو عنة أو مرض لا يرجئ برؤه، والخصى والشيخ، والمخنث الذى لا شهوة له، فحكمه حكم ذوى المحرم فى النظر، لقول الله عز وجل «أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ، وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ، وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (٢).

أى غير أولى الحاجة الى النساء.

فان كان المخنث ذا شهوة ويعرف أمر النساء فحكمه حكم غيره، لأن عائشة رضى الله عنها قالت: دخل على أزواج النبى صلى الله عليه وسلم مخنث، فكانوا يعدونه من غير أولى الاربة من الرجال، فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينعت امرأة أنها اذا أقبلت أقبلت بأربع واذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أرى هذا يعلم ما هاهنا، لا يدخلن عليكم هذا، فاحجبوه». رواه أبو داود وغيره.

وأما نظر المرأة الى الرجل ففيه روايتان:

احداهما: لها النظر الى ما ليس بعورة، والأخرى: لا يجوز لها النظر من الرجل


(١) سورة النور: ٦٠.
(٢) سورة النور: ٣١.