للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقيت القوم جميعهم الا واحدا او اثنين. ولا يقال: لقيت القوم الا أكثرهم .. واذا لم يكن صحيحا فى الكلام. لم يرتفع به ما اقر به كاستثناء الكل وكما لو قال: له على عشرة بل خمسة. فأما الآيتان. فانه فى الآية الاولى استثنى المخلصين من بنى آدم وهم الاقل:

كما قال تعالى: «الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم» وفى الاخرى استثنى الغاوين من العباد وهم الاقل فان الملائكة من العباد وهم غير غاوين. قال تعالى:

«بل عباد مكرمون» وقيل الاستثناء فى هذه الآية منقطع بمعنى الاستدراك فيكون قوله: ان عبادى ليس لك عليهم سلطان - مبقى على عمومه لم يستثن منه شئ ثم استأنف «الا من اتبعك من الغاوين» أى لكن من اتبعك من الغاوين فأنهم غووا باتباعك ..

وقد دل على صحة هذا قوله فى الآية الاخرى لاتباعه «وما كان لى عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لى» وعلى هذا لا تكون فى هذه الآية حجة ولم يثبت عن العرب انهم استثنوا الكثير فى قول صحيح .. والفرق بين استثناء الأكثر والأقل ان العرب استعملته فى الأقل وحسنته ونفته فى الأكثر وقبحته فلم يجز قياس ما قبحوه على ما حسنوه وجوزوه.

وفى استثناء النصف وجهان: احدهما يجوز وهو ظاهر كلام الخرقى لتخصيصه الابطال بما زاد على النصف لانه ليس باكثر فجاز كالأقل. والثانى. لا يجوز ذكره ابو بكر لانه لم يرد فى كلامهم الا القليل من الكثير والنصف ليس بقليل.

(٥) أن ينوى الاستثناء قبل تمام المستثنى منه. جاء هذا الشرط‍ فى كشاف القناع وفى شرح المنتهى فى باب الاستثناء فى الطلاق.

ففى الكشاف (١) ويشترط‍ نية الاستثناء قبل تمام المستثنى منه كقوله انت طالق ثلاثا الا واحدة لا يعتد بالاستثناء الا ان نواه قبل تمام قوله: انت طالق ثلاثا. وتصح نية بعد تمام المستثنى منه قبل فراغه من كلامه بأن يأتى به ناويا له عند تمامه قبل أن يسكت واختاره الشيخ وتلميذه ابن القيم فى اعلام الموقعين وقال الشيخ: دل عليه كلام أحمد ومتقدمى أصحابه .. وجاء مثل ذلك فى بيان الشرط‍ فى شرح المنتهى (٢).

[أخوات إلا مثلها فى الاستثناء]

وحكم الاستثناء بسائر أدواته حكم الاستثناء بألا. فاذا قال: له على عشرة سوى درهم او ليس درهما او خلا درهما.

او عدا درهما. أو ما خلا أو ماعدا درهما. أو لا يكون درهما أو غير درهم بفتح الراء فى غير - كان مقرا بتسعة دراهم.

وان قال: غير درهم بضم الراء فى غير وهو من أهل العربية كان مقرا بعشرة دراهم لأنها تكون صفة للعشرة المقر بها ولا يكون استثناء فأنها لو كانت استثناء كانت منصوبة .. وان لم يكن من أهل العربية لزمه تسعة دراهم لأن الظاهر انه انما يريد الاستثناء لكنه رفعها جهلا منه بالعربية لا قصدا للصفة.

[الاستثناء بعد الاستثناء]

وأن استثنى استثناءا بعد استثناء فان عطف الثانى على الأول كان مضافا اليه وكان الكل


(١) كشاف القناع ج‍ ٣ ص ١٦٤.
(٢) شرح منتهى الإرادات ج‍ ٣ ص ٢٤٥.