للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وينقسمون في ذلك فرقا وطوائف وهكذا .. ولهم في مذاهبهم وآرائهم واعتقاداتهم خلط كثير وخبط لا حد له - يكاد يكون هذا الموضوع أهم ما عرض له العلماء والمتكلمون .. وقد عرض له الشهرستانى في الملل والنحل، وابن حزم في الفصل والأهواء والنحل، وابن خلدون في مقدمته، والعلامة السعد التفتازانى في شرح المقاصد ..

وقد اختلفت مناهج هؤلاء العلماء في تناول هذا الموضوع وأساليبهم في عرضه. فمن من اقتصر على بيان فرقهم ومذهب كل فرقة في أشخاص الأئمة وتسلسل الإمامة بينهم والتوفف وتعدية الإمامة على نحو ما أشرنا إليه دون عناية بذكر الأدلة إلا في القليل ودون منافشة ولا رد لما ذكر منها كالشهرستانى ..

ويقرب منه في ذلك ابن خلدون .. ومنهم من أشار في قصد إلى بيان بعض الفرق ومذاهبهم في أشخاص الأئمة والتسلسل بينهم - وحتى بذكر أدلة الإمامية والرافضة ومناقشتها والرد عليها بتوسع وبسط كابن حزم، ومنهم من اقتصر على ذكر مذهب الشيعة الإمامية وتوسع في ذكر أدلتهم ومناقشتها والرد عليها وهو السعد التفتازانى.

سننقل فيما يلى عن هذه المراجع ما يكفى لبيان الموضوع وإيضاحه وإلقاء الضوء على جوانبه:

قال الشهرستانى في كتابه المذكور (١): والشيعة هم الذين شايعوا عليًّا عليه السلام على الخصوص وقالوا بإمامته نصا ووصاية. إما جليا وإما خفيا. وأعتقد أن الإمامة لا تخرج من أولاده. وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو يتقيه من عنده هو .. قالوا: وليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة وينتصب الإمام بتنصيبهم بل هي قضية أصولية وهى ركن في الدين لا يجوز للرسول - صلى الله عليه وسلم - إغفاله وإهماله وتفويضه إلى العامة وإرساله .. ويجمعهم القول بوجوب تعيين الإمام والتنصيص عليه وثبوت عصمة الأئمة وجوبا عن الكبائر والصغائر والقول بالتولى والتبرى قولا وفعلا وعقدا إلا في حال التقية .. ويخالفهم بعض الزيدية في ذلك ولهم في تعدية الإمامة كلام وخلاف كثير وعند كل تعدية وتوقف مغالة ومذاهب وخبط ..

[والشيعة خمس فرق]

كيسانية، وزيدية، وإمامية، وغلاة، وإسماعيلية. وبعضهم يميل في الأصول إلى الاعتزال. وبعضهم يميل إلى السنة، وبعضهم يميل إلى التشبيه.

[الكيسانية]

فهم أصحاب كيسان - مولى أمير المؤمنين علي رضى الله عنه، وقيل هو تلميذ أو مولى محمد بن الحنفية أحد أولاد علي من غير السيدة فاطمة الزهراء .. وهؤلاء قالوا بإمامة محمد بن الحنفية بعد أبيه على بن أبى طالب رضى الله عنهما، وقيل لا بل بعد الحسن والحسين .. ومن أصحاب محمد بن الحنفية المختار بن أبى عبيد كان خارجيا ثم صار زيديا ثم صار شيعيا وكيسانيا ..

قال بإمامة محمد بن الحنفية بعد أبيه على أو بعد أخويه الحسن والحسين .. وكان يدعو الناس إليه ويظهر أنه من رجاله .. ولكنه كان يتغالى فيه مغالاة شديدة. ويذكر علوما مزخرفة ينوطها به ..


(١) الملل والنحل للشهرستانى جـ ١ ص ١٥١، جـ ٢ ص ٢ وما بعدها.