للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتقدم إقراره، ولو أقر الراهن والعدل بالقبض، وأنكر المرتهن فالقول له؛ إذ الأصل عدمه. وللعدل رده إليهما، إذ هو أمين فلا يلزمه بقاؤه، فإن امتنعا أجبرهما الحاكم، فإن رده إلى الحاكم قبل امتناعهما ضمن هو والحاكم إذ لا ولاية له حينئذ وكذا لو أودعه، فإن امتنعا ولا حاكم فله تركه عند عدل، إذ هو معذور، وكذا إن غابا فللعدل إيداعه للعذر من سفر أو خوف، وللحاكم حينئذ نُصِبَ عدل آخر لولايته (١)، وإذا أوفى الراهن الدين لم يلزم المرتهن إيصال الرهن إذا صار أمانة وليس للمرتهن بيعه بعد حلول الدين إلا بتسليط من الراهن أو الحاكم إذ ليس له ملك ولا ولاية وإذا امتنع من رده بعد الإِيفاء فغاصب (٢).

[مذهب الإمامية]

جاء في الروضة البهية أن الرهن إذا كان له نفع كالدابة والدار أجر باتفاقهما، وإلا آجره الحاكم، ولو احتاج إلى مؤنة كما إذا كان حيوانا فعلى الراهن مؤنته لأنَّهُ المالك، فإن كان في يد المرتهن وبذلها الراهن أو أمره بها أنفق ورجع بما غرم، وإلا استأذنه، فإن امتنع أو تعذر استئذانه لغيبة أو نحوها رفع أمره إلى الحاكم، فإن تعذر أنفق هو بنية الرجوع وأشهد عليه ليثبت استحقاقه بغير يمين ورجع، فإن لم يشهد فالأقوى قبول قوله في قدر المعروف منه بيمينه ورجوعه (٣) به. والرهن لازم من جهة الراهن حتَّى يخرج من الحق، فيبقى أمانة في يد المرتهن مالكية لا يجب تسليمه إلا مع المطالبة لأنَّهُ مقبوض بإذنه. وينتقل حق الرهانة إلى الوارث بالموت لأنَّهُ مقتضى لزوم العقد من طرف الراهن، ولأنه وثيقة على الدين فيبقى ما بقى ما لم يسقط المرتهن، وللراهن الامتناع من استئمان الوارث وإن شرط وكالة البيع والاستيفاء لأن الرضا بتسليم المورث لا يقتضيه، ولاختلاف الأشخاص فيه، وبالعكس للوارث الامتناع من استئمان الراهن علمه فليتفقا على أمين يضعانه تحت يده وإن لم يكن عدلا، لأن الحق لا يعد وهما فيتقيد برضاهما، وإلا يتفقا فالحاكم يعين له عدلا يقبضه لهما، وكذا لو مات الراهن فلورثته الامتناع من إبقائه في يد المرتهن لأنَّهُ في القبض بمنزلة الوكيل تبطل بموت الموكل، وإن كانت مشروطة في عقد لازم إلا أن يشترط استمرار الوضع بعد موته فيكون بمنزلة الوصى في الحفظ (٤).

[مذهب الإباضية]

جاء في شرح النيل أن الرهن إن كان حيوانا يرعى لزم الراهن علفه ورعيه وخير في أحدهما، أي لا يخاطب بعلفه ورعيه غيره لكنه يخير في أحدهما وإن اتفقا على الرعى والعلف، ولا يمنعه المرتهن من إخراجه للرعى فيما يرعى فيه مثله من الناس بحب الصلاح والأمن ومحافظة الراعى وكل ما يفعله من ذلك


(١) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للإمام المهدى لدين الله أحمد بن يحيى بن المرتضى جـ ٤ ص ١٢١، ص ١٢٢ الطبعة الأولى طبع مطبعة أنصار السنة المحمدية بمصر سنة ١٣٦٨ هـ سنة ١٩٤٩ م.
(٢) المرجع السابق جـ ٤ ص ١٣٢ نفس الطبعة.
(٣) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد زين الدين الجبعى العاملى جـ ١ ص ٣٥٥ طبع دار الكتاب العربى بمصر.
(٤) المرجع السابق جـ ١ ص ٣٥٧ نفس الطبعة.