اختلاط ذلك كله، أو بعضه من باقى الصور التى ذكرت، أو لم يعلم بالاختلاط فى أى صورة فرضت، حتى أخذها من الغاصب، أو قاتل، أو علم باختلاط أموال بيده.
وكذا مظنة الاختلاط، بأن علم أن ما بيد الغاصب من ماله نوعين فصاعدا كتمر وغنم، أو ماله ومال غيره كذلك، كتمره وغنم غيره، أو مال غيره، كتمر رجل وغنم رجل وكذا أنواع، جاز فى ذلك كله القتال والقتل، وهجومه على ذلك الغاصب وغيره على غفلة، أو نوم أو نحوه أو أشتغال، فاذا نزع مختلطا فرزه وواصل كلا بيد صاحبه، أو فقير ان لم يعلم، وحزر ماله، ورد للغاصب ماله، وان لا يفرز هذا المختلط استعمل فيه القسمة، لأن القسمة تكون فى المال المختلط الذى يعسر فرزه، كشعير وبر، أو يستحيل فرزه كزيت بزيت.
الاشتباه فى بلوغ الصّبىّ
[مذهب الحنفية]
جاء فى بدائع الصنائع (١): أن البلوغ يعرف بالاحتلام والاحبال والانزال.
وفى الجارية يعرف بالحيض والاحتلام والحبل.
فان لم يوجد شئ من ذلك فيعتبر بالسن والاحتلام، والاحتلام لا يتأخر عن خمس عشرة سنة عادة.
فاذا لم يحتلم الى هذه المدة علم ان ذلك لآفة فى خلقته، والآفة فى الخلقة لا توجب آفة فى العقل فكان العقل قائما بلا آفة فوجب اعتباره فى لزوم الأحكام.
وقد روى عن سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه أنه عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام وهو ابن أربع عشرة سنة، فرده، وعرض وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه فقد جعل النبى صلّى الله عليه وسلّم خمس عشرة سنة حدا للبلوغ.
ولأبى حنيفة رضى الله تعالى عنه أن الشرع لما علق الحكم والخطاب بالاحتلام بالدلائل التى ذكرناها فيجب بناء الحكم عليه ولا يرتفع الحكم عنه ما لم يتيقن بعدمه، ويقع اليأس عن وجوده.
وانما يقع اليأس بهذه المدة لأن الاحتلام الى هذه المدة مقصور فى الجملة فلا يجوز ازالة الحكم الثابت بالاحتلام عنه مع الاحتمال، على هذا أصول الشرع، فان حكم الحيض لما كان لازما فى حق الكبيرة لا يزول بامتداد الطهر ما لم يوجد اليأس، ويجب الانتظار لمدة اليأس، لاحتمال عود الحيض.
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٧ ص ١٧١، ص ١٧٢ الطبعة السابقة.