للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان كان عنده قرطاس من بيت المال وأتاه صاحب الحق بقرطاس فهل يلزمه أن يكتب المحضر؟ فيه وجهان.

أحدهما أنه يلزمه لأنه وثيقة بالحق فلزمه كالاشهاد على نفسه.

والثانى أنه لا يلزمه، لأن الحق يثبت باليمين أو بالبينة دون المحضر.

وان سأله أن يسجل له وهو أن يذكر ما يكتبه فى المحضر ويشهد على انفاذه ويسجل له فهل يلزم ذلك أم لا؟ على ما ذكرناه فى كتب المحضر، وما يكتب من المحاضر والسجلات يكتب فى نسختين احداهما تسلم الى المحكوم له والأخرى تكون فى ديوان الحكم.

فان حضر عند القاضى رجلان لا يعرفهما وحكم بينهما ثم سأل المحكوم له كتب محضر أو سجل كتب حضر الى رجلان قال أحدهما أنه فلان بن فلان وقال الآخر أنه فلان ابن فلان ويذكر ما جرى بينهما ويشهد على ذلك.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى لابن قدامة (١): أن كتاب القاضى على ضربين.

الضرب الأول: أن يكتب بما حكم به، وذلك مثل أن يحكم على رجل بحق، فيغيب قبل ايفائه أو يدعى حقا على غائب ويقيم بينة ويسأل الحاكم الحكم عليه فيحكم عليه ويسأله أن يكتب له كتابا يحمله الى قاضى البلد الذى فيه الغائب فيكتب له اليه أو يقيم البينة على حاضر فيهرب قبل الحكم فيسأل صاحب الحق الحاكم أن يحكم عليه وأن يكتب له كتابا يحمله.

ففى هذه الصور الثلاثة يلزم الحاكم اجابته الى الكتابة، ويلزم المكتوب اليه قبوله سواء كانت بينهما مسافة بعيدة أو قريبة حتى لو كانا فى جانبى بلد أو مجلس لزمه قبوله وامضاؤه سواء كان حكما على حاضر أو غائب لا نعلم فى هذا خلافا، لأن حكم الحاكم يجب امضاؤه على كل حاكم.

الضرب الثانى:

أن يكتب بعلمه بشهادة شاهدين عنده يحق لفلان مثل أن تقوم البينة عنده بحق لرجل على آخر ولم يحكم به فيسأل صاحب الحق القاضى أن يكتب له كتابا بما حصل عنده فانه يكتب له أيضا.

قال القاضى: ويقول فى كتابه: شهد عندى فلان وفلان بكذا وكذا ليكون المكتوب اليه هو الذى يقضى به.


(١) المغنى لابن قدامة المقدسى ج‍ ١١ ص ٤٥٨، ص ٤٦٦ الطبعة السابقة.