للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضمان المودع المفلس لأى سبب من الأسباب فصاحبها أسوة الدائنين (١). وإن وجد البائع مثلا مبيعه بعينه عند المفلس بعد الحجر عليه إلا أنه قد تغير بالنقص فى ذاته أو فى صفته فلا يكون البائع أحق به من الدائنين بل يكون أسوتهم فيه وفى غيره (٢). أما إذا وجد الدائن ماله عند المفلس بعينه وقد تولدت منه زوائد منفصلة وهى موجودة بيده كصوف مجزوز ولبن محلوب فظاهر الحديث أنه لا يكون أحق بها فلا يأخذها لأن المذكور فى الحديث ادراك عين المتاع وليست هذه بعين المتاع، ولأنها حدثت على ملك المشترى (٣). وإن كان المبيع أرضا فزرعها المشترى أو بنى فيها أو غرس ثم أفلس والزرع أخضر فالزرع والبناء والغرس للمفلس، والأرض للبائع، ويخير أن تكون له قيمتها فارغة، وفى أن يكون مع الدائنين فيها وفيما عليها، فيباع الكل ويحسب ثمنها فارغة والباقى للدائنين. وأما الثمرة فيها وفى النخل إذا أثمر فى يد البائع وباعها مثمرة فزادة فى يد المشترى المفلس فللبائع المال والثمرة لأنها عين ماله. وإن أفلس المؤجر قبل أن يعمل الأجير فقال أبو سعيد: إن كان العقد بينهما وهو مفلس لم يقع ويطل فإن عمل الأجير كان له أجر مثله مع الدائنين. وإن كان العقد بينهما قبل إفلاس المؤجر ثم أفلس بعد العمل فالأجير أسوة الدائنين حتى ولو كان المال بيده أيضا. وإن أفلس قبل العمل خير الأجير بين أن يعمل وله أجرته مع الدائنين، وبين أن يفسخ. ومن استأجر أرضا وزعها ثم أفلس فإن صاحب الأرض الذى أجرها أحق بزرعها حتى يستوفى أجرة أرضه لأن الزرع إنما نشأ عن الأرض فكانت كالحيازة له. ومن باع شيئا ولم يخرجه من يده حتى أفلس المشترى فالبائع أحق بما فى يده حتى يستوفى ثمنه وكذلك من استصنع فى خياطة أو غيرها والمصنوع فى يده ثم أفلس صاحبه فالصانع أحق بما فى يده حتى يستوفى أجرته. ومن اشترى شيئا ودفع ثمنه ثم وجد به عيبا فرده على بائعه ثم أفلس البائع قبل أن يسترد المشترى ثمنه منه فلا يكون المشترى أحق بذلك الشئ الذى رده. وإن رده المشترى بعد افلاس البائع ففيه خلاف. قال العاصمى: لا يكون المشترى أولى به أيضا. ومن اشترى سلعة شراء فاسدا وقد دفع ثمنها أو قدر له دين فى ذمة البائع ثم أفلس البائع والسلعة لم تفت وهى بيد المشترى فإن البيع يفسخ ويختص بها المشترى (٤). وهذا كله فى المفلس حال حياته. أما إن مات فليس لصاحب الشئ إلا المقاسمة مع الدائنين بعوض شيئه وليس له أخذه وإن كان موجودا بعينه ضمن التركة. وإن أراد الدائنون أو الورثة اعطاء صاحب السلعة الثمن ودفعوه له فإنه يلزمه قبوله (٥).

خامسا: ما يترتب على الحكم بافلاس

المديون والحجر عليه

حبس المفلس وانظاره وملازمته وما يتبع ذلك

إن ادعى المديون الافلاس ولم يعرف له مال وطلب دائنوه من القاضى - بعد اثبات ديونهم أمامه - أن يحبسه حبسه اتفاقا، لأن قضاء الدين واجب عليه،، والمماطلة ظلم فيحبسه القاضى دفعا لظلمه والحبس جزاء المماطلة بقوله صلّى الله عليه وسلم: «لى الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته» (٦) قال أحمد قال وكيع: عرضه شكايته وعقوبته حبسه والمقصود من الحبس حمل المديون على قضاء الدين من أى طريق شاء من استقراض واتهاب وسؤال صدقة واستظهر ابن عابدين أن حبس المفلس لا يكون لغير القاضى فلا يحبسه المحكم وقال: لكن نقل الحموى عن صدر الشريعة أن له


(١) المرجع السابق ج ٧ ص ١٧٩، ١٨٠ الطبعة السابقة.
(٢) شرح النيل وشفاء العليل ج ٨ ص ١٨٠ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج ٧ ص ١٨١ الطبعة السابقة.
(٤) شرح النيل وشفاء العليل ج ٧ ص ١٧٢ - ١٨٣.
(٥) المرجع السابق ج ٧ ص ١٨١ الطبعة السابقة.
(٦) رواية احمد وابو دواد والنسائى وابن ماجه، واخرجه ايضا البيهقى والحاكم وابن حبان عن عمرو بن الشريد عن ابيه (انظر نيل الاوطار ج ٥ ص ٢٤).