للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ثالثا: إنكار نسب الوارث وما يترتب عليه]

جاء في (الروضة البهية): أنه يشترط في نفوذ الإقرار بالنسب مطلقًا عدم المنازع له في نسب المقرّ به، فلو تنازعا فيه اعتبرت البينة وحكم لمن شهدت له، فإن فقدت فالقرعة؛ لأنها لكل أمر مشكل أو معين عند الله مبهم عندنا، وهو هنا كذلك، هذا إذا اشتركا في الفراش على تقدير دعوى البنوة أو انتفى عنهما كوطء خالية عن فراش لشبهة، فلو كانت فراشًا لأحدهما حكم له به خاصة دون الآخر، وإن صادقه الزوجان.

ولو تصادق اثنان فصاعدًا على نسب غير التولد كالإخوة صحّ تصادقهما وتوارثا؛ لأن الحق لهما ولم يتعداهما التوارث إلى ورثتهما؛ لأن حكم النسب إنما ثبت بالإقرار والتصديق فيقتصر فيه على المتصادقين إلا مع تصادق ورثتهما أيضا، ومقتضى قولهم غير التولد أن التصادق في التولد يتعدى مضافًا إلى ما سبق من الحكم بثبوت النسب في إلحاق الصغير مطلقًا والكبير مع التصادق. والفرق بينه وبين غيره من الأنساب مع اشتراكهما في اعتبار التصادق غير بين، ولا عبرة بإنكار الصغير بعد بلوغه بنسب المعترف به صغيرًا، وكذا المجنون بعد كماله لثبوت النسب قبله، فلا يزول بالإنكار اللاحق، وليس له إحلاف المقر أيضًا؛ لأن غايته استخراج رجوعه أو نكوله. وكلاهما الآن غير مسموع كما لا يسمع لو نفى النسب حينئذٍ صريحًا، ولو أقر العم المحكوم بكونه وارثًا ظاهرًا بأخ للميت وارث دفع إليه المال؛ لاعترافه بكونه أولى منه بالإرث، فلو أقرّ العم بعد ذلك بولد للميت وارث وصدقه الأخ دفع إليه المال؛ لاعترافهما بكونه أولى منهما، وإن أكذبه أي أكذب الأخ العم في كون المقرّ به ثانيًا ولدًا للميت لم يدفع إليه لاستحقاقه المال باعتراف ذى اليد له، وعزم العم، ولم تعلم أولوية الثاني؛ لأن العم حينئذٍ خارج فلا يقبل إقراره في حق الأخ، وغرم العم له، أي لمن اعترف بكونه ولدًا ما دفع إلى الأخ من المال لإتلافه بإقراره الأول مع مباشرته لدفع المال.

ولو أقرت الزوجة بولد الزوج المتوفى، وكان ورثة الزوج في الظاهر هم إخوته، فصدقها الإخوة على الولد أخذ الولد المال الذي بين الإخوة أجمع ونصف ما في يدها، لاعترافهم باستحقاقه ذلك (١)، وإن أكذبوها دفعت إليه ما بيدها زائدا عن نصيبها على تقدير الولد، وهو الثمن، لأن بيدها ربعًا، وهو نصيبها على تقدير عدم الولد، فتدفع إلى الولد نصفه، ويحتمل أن تدفع إليه سبعة أثمان ما في يدها تنزيلًا للإقرار على الإشاعة.

ولو انعكس الفرض بأن اعترف الإخوة بالولد دونها دفعوا إليه جميع ما بأيديهم، وهو ثلاثة أرباع (٢).

[مذهب الإباضية]

أولًا: الإنكار في الحمل والولادة:

جاء في (شرح النيل): أنه لا يحل له أن يقصد لعانها في نفى الولد والجنين إلا إن وطئها


(١) الروضة البهية: ٢/ ٢٢٥ - ٢٢٦.
(٢) السابق: ٢/ ٢٢٧.