للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلم يكن الحبس مفيدا فالجواب ان الحبس يفيد من ناحية أنه مصاحب بطلب الأجرة فاما أن يعجل واما فسخ العقد على أن هذا لا يلزم عند ما تكون الاجارة على المسافة اذ لا يبطل العقد هنا بالحبس واذا شرط‍ فى عقد الاجارة أن لا تسلم الأجرة الا بعد انقضاء مدة الاجارة أو بعد الاستيفاء فهو جائز لأنه شرط‍ صحيح موافق لمقتضى العقد أما اذا عجل الأجرة من غير شرط‍ فلأنه لما عجل فقد غير مقتضى مطلق العقد وله هذه الولاية لأن تأخيرها ثبت حقا له فيملك ابطاله بتعجيلها كما لو كان عليه دين مؤجل فعجله وبالاضافة الى هذا فان تعجيل الحكم قبل الوجوب وبعد وجود سببه جائز كتعجيل الكفارة بعد الجرح المؤدى الى الموت.

وعلى الجملة فعقد الاجارة ان كان مطلقا عن شرط‍ التعجيل والتأجيل وجب على المؤجر تسليم العين ابتداء وعلى الأجير الخاص تسليم نفسه وعلى الأجير المشترك الوفاء بالعمل لأن الأجرة لا تجب بالعقد المطلق أما ان تضمنت شرطا بتعجيل الأجرة أو تأجيلها فانه يلزم ذلك وعند اشتراط‍ التعجيل يكون للمؤجر أن يمتنع عن تسليم العين المستأجرة حتى يستوفى الأجرة وللأجير الخاص أن يمتنع عن تسليم نفسه وللأجير المشترك أن يمتنع عن ايفاء العمل حتى تؤدى الأجرة وعند شرط‍ التأجيل لا يجب تسليم الأجرة الا عند انقضاء الأجل (١).

واذا حدث بعد ابتداء الاجارة ما يحول بين المستأجر وبين انتفاعه بمقتضى عقد الاجارة بسبب ليس من قبله كغصب العين أو مرض الأجير أو انقطاع ماء رى الأرض فان الأجرة تسقط‍ مدة عدم الانتفاع فضلا عن أن ذلك يعد عيبا يوجب خيار الفسخ لمن أصابه الضرر وهذا أصل عام عند الحنفية ومحل اتفاق بينهم وبين غيرهم من الفقهاء (٢).

[مذهب المالكية]

يرى المالكية أن عقد الاجارة انما يفيد معاوضة بين المنافع وبدلها وان المنافع لا تحدث مرة واحدة بل تحدث جزءا فجزءا بحسب ما يقبض منها وما يحدث بحدوث الزمن وعلى ذلك فلا تتحقق المعاوضة بين المنافع وبدلها الا على هذا الأساس ولذا لا يملك الأجر الا على حسب ما يقبض من المنافع الا أن يكون هناك ما يوجب تقديم قبض عن شرط‍ أو غيره.

وعلى ذلك فمذهب المالكية يقارب مذهب الحنفية فيما يترتب على عقد الاجارة من الملك فى البدلين وفى الشرح الكبير للدردير ان الأصل فى ثمن المبيع هو الحلول والأصل فى الأجرة التأجيل الا فى مسائل قاله ابن القاسم وقد ذكرنا فيما مضى ان الأجر قد يكون معينا وقد يكون غير معين وفى كلا الحالين قد يكون فى مقابلة منافع معينة أو مضمونة فى الذمة وفى كل اما أن يحدث من المستأجر أو الأجير شروع فيها أم لا وفى كل اما أن يشترط‍ فى العقد تعجيل


(١) البدائع ج‍ ٤ ص ١٧٩ الى ص ٢٠٣.
(٢) تحفة المحتاج ج‍ ٣ ص ٥١٩.