للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من بدلها كمن يستأجر خياطا ليخيط‍ له ثوبا فخاط‍ بعضه فلا يستحق الأجر حتى يخيطه كله ووجه قوله الثانى وهو المشهور أن ملك البدل وهو المنفعة انما يحدث على حسب حدوثها شيئا فشيئا فكذلك ما يقابله وهو الأجر ومقتضى هذا أن تسليم الأجر يجب ساعة فساعة الا أن ذلك متعذر فاستحسن فقال يوما فيوما ومرحلة فمرحلة لأنه أيسر وعن أبى يوسف فيمن استأجر بعيرا الى مكة أنه عليه من الأجر ثلث الطريق أو نصفه اذا بلغ ذلك استحسانا ووجهه أن السير الى ثلث الطريق أو نصفه منفعة مقصودة فى الجملة فاذا وجد ذلك القدر لزمه تسليم بدله وعلى هذا يخرج ما اذا أبرأ المؤاجر المستأجر من الأجر أو وهبه له فانه لا يجوز فى قول أبى يوسف عينا كان الأجر أو دينا وقال محمد ان كان دينا جاز ووجه قول أبى يوسف ان الأجر لم يملكه المؤاجر بمطلق العقد الخالى من شرط‍ التعجيل ولا ابراء عما ليس بمملوك للمبرئ وكذلك لا تصح الهبة اذ هبة غير المملوك للواهب غير صحيحة ووجه قول محمد ان الابراء لا يصح الا بقول من المبرأ فاذا قبل المستأجر فقد قصدا صحة الابراء ولا صحة له الا بثبوت الملك فيثبت له الملك بمقتضى التصرف تصحيحا له وأيضا الابراء اسقاط‍ واسقاط‍ الحق بعد وجود سبب الوجوب جائز كالعفو عن القصاص بعد الجرح المؤدى الى الموت وسبب الوجوب هنا موجود وهو العقد ولو أبرأه عن بعض الأجرة جاز فى قولهما أما على أصل محمد فانه يجوز ابراء الكل فأولى أن يجوز الابراء من البعض وأما على أصل أبى يوسف فلأن ذلك حط‍ من الأجرة فيلحق بأصل العقد وحط‍ الكل لا يمكن الحاقه بأصل العقد ولا سبيل الى تصحيحه للحال لعدم الملك واذا كانت الأجرة عينا من الأعيان ووهبها المؤجر للمستأجر قبل استيفاء المنافع لم يكن ذلك نقضا لعقد الاجارة عند أبى يوسف وذلك لعدم صحة الهبة لعدم الملك فالتحقت بالعدم وقال محمد ان قبل المستأجر الهبة بطلت الاجارة وان ردها لم تبطل ذلك لأن الأجرة اذا كانت عينا كانت فى حكم المبيع وما يقابلها فى حكم الثمن والمشترى اذا وهب المبيع قبل القبض من البائع فقبله يبطل البيع كذا هنا أما اذا رد المستأجر الهبة لم تبطل الاجارة لعدم تمام الهبة فاذا ردت التحقت بالعدم هذا اذا وقع العقد خاليا عن شرط‍ تعجيل الأجرة فاما اذا شرط‍ فيه تعجيلها فانها تملك بالشرط‍ ووجب التعجيل وذلك لأن ثبوت الملك فى العوضين فى زمن واحد واجب لتحقق معنى المعاوضة المطلقة وتحقيق المساواة التى هى مطلوب العاقدين فاذا شرط‍ التعجيل لم تكن المعاوضة المطلقة هى المطلوبة بل المطلوب معاوضة معتبرة بشرط‍ التعجيل فيجب اعتبار شرطها لقوله صلى الله عليه وسلم. المسلمون عند شروطهم فثبت الملك فى العوض قبل ثبوته فيما يقابله وللمؤجر حينئذ حبس ما وقع عليه العقد حتى يستوفى الأجرة ذكره الكرخى فى جامعه لأن المنافع فى باب الاجارة كالمبيع فى باب البيع والأجرة فى الاجارة كالثمن فى البيع وللبائع حبس المبيع الى أن يستوفى الثمن فكذلك للمستأجر حبس المنفعة الى أن يستوفى الأجرة المعجلة فان قيل لا فائدة فى هذا الحبس لأن الاجارة اذا وقعت على مدة فحبست فيها المنفعة بطلت الاجارة فى تلك المدة ولا شئ فيها من الأجر