الأجرة لزم اعتبار شرطهما لحديث: المسلمون عند شروطهم، وتملك المؤجر أو الأجير البدل كما قدمنا وجاز تصرفه فيه بالهبة والابراء والشراء وبكل تصرف يملكه البائع فى الثمن واذا شرط تأجيلها صح الشرط ووجب على المؤجر أن يسلم الى المستأجر ما وقع العقد عليه دون أن يكون له حق فى طلب الأجرة الا حين يحل وقت دفعها كما يجب على الأجير العمل كذلك دون طلب للأجرة ويلاحظ أن شرط التعجيل فى الاجارة المضافة شرط فاسد على ما بيناه سابقا لمخالفته لمقتضى العقد وانه لذلك يكون مفسدا للعقد، اما اذا لم يكن فى العقد شرط يقضى ذلك فكان العقد مطلقا فان الأجرة يجب تسليمها حينئذ عند استحقاقها للمؤجر أو للأجير وهى لا تستحق الا بتملكها وذلك ما سيأتى بيانه فيما يلى. وعندئذ يجب البدء بتسليم ما وقع عليه العقد فيجب على المؤاجر تسليم العين المستأجرة ويجب على الأجير تسليم نفسه أو الوفاء بالعمل المطلوب منه وهذا اذا كانت الاجارة منجزة أما اذا كانت مضافة فلا يتأتى فيها اشتراط التعجيل للأجرة لما مر وانما يصح فيها التأجيل الى ما بعد انتهاء الاجارة أو الاطلاق وفى هذين الحالين يكون حكم تسليمها هو نفس الحكم فى الاجارة المنجزة عند التأجيل أو الاطلاق.
ثانيا - ملك المنفعة والأجرة، أما ملك المنفعة فلا يجب بالعقد وحده لأن المنافع معدومة والمعدوم لا يملك وانما يتحقق بالعقد عند استيفائها لأن ذلك هو وقت وجودها فكلما استوفى المستأجر قدرا من المنافع تملكه ولهذا كان حكم عقد الاجارة بالنسبة للتملك مرجأ الى وقت الاستيفاء سواء فى المنجزة والمضافة - أما ملك الأجرة فانما يثبت عند تملك المنفعة أو عند تعجيلها أو عند اشتراط تعجيلها فالأجرة عند الحنفية لا تملك بالعقد الا بأحد معان ثلاثة، أحدها: شرط تعجيلها فى العقد ثانيها: تعجيلها من غير اشتراط ثالثها: استيفاء ما يقابلها وهو المعقود عليه.
فأما تملكها باستيفاء ما يقابلها من المعقود عليه فلأن عقد الاجارة عقد معاوضة ومقتضى المعاوضة المطلقة عدم ثبوت الملك فى أحد العوضين دون الآخر فاذا لم يثبت فى أحدهما لم يثبت فى الآخر اذ لو ثبت فيه لم تكن المعاوضة حقيقة اذ لا يقابله حينئذ عوض والمساواة فى عقود المعاوضات مطلوبة للعاقدين ولا مساواة الا بثبوت الملك فى العوضين فى وقت واحد ولما كانت المنفعة معدومة عند انشاء العقد ولم يثبت الملك فيها عند انشائه لذلك لم يثبت أيضا فى الأجرة فى الحال كدين فى ذمة المستأجر ان كان الأجر غير عين كما يثبت فيها فى الحال ان كانت عينا تحقيقا للمساواة التى هى مقتضى المعاوضة - وقد كان أبو حنيفة يقول أولا ان الأجرة لا تجب الا بعد مضى مدة الاجارة ان كان هناك مدة أو بعد استيفاء المنفعة ان لم تكن مدة وهو قول زفر ثم رجع فقال انها تجب يوما فيوما عند وجود مدة أو حالا فحالا عند الاستئجار على قطع المسافات وهكذا، وذكر الكرخى أنه تسلم أجرة كل مرحلة اذا انته اليها فى قطع المسافات وهو قول الصاحبين ووجه قول الامام الأول أن منافع المدة أو المسافة من حيث أنها معقود عليها شئ واحد فما لم يستوفها كلها لا يجب شئ