للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو دفع الى الثانى مضاربة بالنصف فنصف الربح للثانى ونصفه لرب المال ولا شئ للمضارب الأول، لأنه جعل جميع ما يستحقه وهو نصف الربح للثانى، وصح جعله، لأنه مالك للنصف والنصف لرب المال بالعقد الأول وصار كمن استأجر رجلا على خياطة ثوب بدرهم فاستأجر الأجير من خاطه بدرهم، ولو دفعه اليه مضاربة بالثلثين فنصف الربح، لرب المال ونصفه للمضارب الثانى ويرجع الثانى على الأول بمثل سدس الربح الذى شرطه له لأن شرط‍ الزيادة لم ينفذ فى حق رب المال لما لم يرض لنفسه بأقل من نصف الربح فقد صح فيما بين الأول والثانى، لأن الأول غر الثانى باسميته الزيادة والغرور فى العقود من اسباب وجوب الضمان وهو فى الحقيقة ضمان الكفالة وهو أن الأول صار ملتزما سلامة هذا القدر للثانى ولم يسلم له فيغرم للثانى مثل سدس الربح ولا يصير بذلك مخالفا، لأن شرطه لم ينفذ فى حق رب المال فالتحق بالعدم فى حقه فلا يضمن.

ولو أضاف الربح الى المضارب فدفعه الأول مضاربة الى غيره بالثلث أو بالنصف أو بالثلثين فجميع ما شرطه للثانى من الربح يسلم له، وما شرط‍ للمضارب الأول من الربح يكون بينه وبين رب المال نصفين.

والفرق بين هذا وذاك أن هنا شرط‍ رب المال لنفسه نصف ما رزق الله تعالى للمضارب أو نصف ما ربح المضارب فاذا دفع الى الثانى مضاربة بالثلث كان الذى رزق الله عز وجل المضارب الأول الثلثين فكان الثلث للثانى والثلثان بين رب المال وبين المضارب الأول نصفين لكل واحد منهما الثلث.

واذا دفع مضاربة بالنصف كان ما رزقه الله تعالى للمضارب الأول النصف فكان النصف للمضارب الثانى والنصف بينهما نصفين.

واذا دفعه مضاربة بالثلثين كان الذى رزقه الله تعالى للمضارب الأول الثلث وكان الثلثان للمضارب الثانى والثلث بين رب المال والمضارب الأول لكل واحد منهما السدس.

أما فى الحالة الأولى فقد شرط‍ رب المال لنفسه نصف جميع ما رزق الله تعالى ونصف جميع الربح وذلك ينصرف الى جميع الربح (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى التاج والإكليل نقلا عن المدونة ان ابن القاسم قال تجوز المقارضة عند مالك على النصف والخمس أو أكثر من ذلك أو أقل.

قال المواق: فان أعطيته مالا قراضا على أن الربح للعامل فان ذلك جائز.

وقد قال مالك فيمن أعطى لرجل مالا يعمل به على أن الربح للعامل ولا ضمان عليه انه لا بأس به، وكذلك ان أعطاه نخلا مساقاة على أن جميع الثمرة للعامل فلا بأس به.


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر ابن مسعود الكاسانى ج ٦ ص ٩٧، ص ٩٨ الطبعة الأولى طبع مطابع الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍، سنة ١٩١٠ م.