للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحق لهما بخلاف ما اذا كانت الهبة تستلزم عوضا زائدا عن الموهوب فلا يمنع للغبطة (١).

[حكم استهلاك العين المغصوبة]

[مذهب الحنفية]

جاء فى تبيين الحقائق أن العين المغصوبة اذا تغيرت بفعل الغاصب بحيث لا يمكن تمييزها أصلا أو لا يمكن تمييزها الا بحرج زال ملك المغصوب منه عنها وملكها الغاصب وضمنها، ولا يحل له أن ينتفع بها حتى يؤدى بدلها (٢) فلو هلك فى يده أو استهلك صورة ومعنى أو معنى لا صورة سقط‍ حق استرداده وثبت الضمان على الغاصب، لأن الهالك لا يحتمل الرد.

فلو أن شخصا غصب حنطة فزرعها أو نواة فغرسها حتى نبتت أو باقلة فغرسها حتى صارت شجرة أو غصب بيضة فحضنها حتى صارت دجاجة، أو قطنا فغزله أو غزلا فنسجه أو ثوبا فقطعه أو خاطه قميصا أو لحما فشواه أو طبخه أو شاة فذبحها وشواها،

أو حنطة فطحنها أو دقيقا فخبزه أو حديدا فضربه سيفا أو نحاسا فعمله آنية أو نحو ذلك زال ملك المغصوب منه عنها وضمن الغاصب المثل أو القيمة، لأن فعل الغاصب فى هذه المواضع وقع استهلاكا للمغصوب اما صورة ومعنى أو معنى لا صورة فيزول ملك المالك عنه وتبطل ولاية الاسترداد كما اذا استهلكه حقيقة، ودلالة تحقق الاستهلاك أن المغصوب قد تبدل وصار شيئا آخر بتخليق الله تعالى وايجاده، لأنه لم تبق صورته ولا معناه الموضوع له فى بعض المواضع ولا اسمه وقيام الأعيان انما يكون بقيام صورها ومعانيها المطلوبة منها وفى بعضها ان بقيت الصورة فقد فات معناه الموضوع له المطلوب منه عادة فكان فعله استهلاكا للمغصوب صورة ومعنى أو معنى.

ومن ثم يبطل حق المالك فى الاسترداد اذ الهالك لا يحتمل الرد كالهالك الحقيقى.

واذا حصل الاستهلاك فانه يزول ملك المالك لأن الملك لا يبقى فى الهالك فتنقطع ولاية الاسترداد ضرورة (٣).

هذا كله اذا كان المغصوب غير ذهب ولا فضة أما ان كان ذهبا أو فضة فان الغاصب لا يملكه اذا اتخذه أوانى أو ضربه دنانير أو دراهم، فلا ينقطع حق المالك عنها، وله أن يسترده ولا يعطيه شيئا


(١) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج ٢ ص ٢١٠ للشهيد السعيد بن زين الدين الجبعى العاملى.
(٢) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ج ٥ ص ٢٢٦ للامام فخر الدين عثمان بن على الزيلعى فى كتاب على هامشه حاشية الشيخ الامام شهاب الدين أحمد الشلبى الطبعة الاولى طبع المطبعة الكبرى الاميرية بمصر سنة ١٣١٤ هـ‍.
(٣) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٧ ص ١٤٨.
ص ١٤٩ الطبعة السابقة.