نعم فهو اقرار بالحق المدعى به. لانه المفهوم من ذلك .. وفى الاجابة بنعم وجه آخر انه ليس باقرار لانه موضوع لتصديق النفى المستفهم منه بخلاف بلى فانها رد للنفى ونفى النفى اثبات. ولهذا جاء عن ابن عباس رضى الله عنهما فى آية (ألست بربكم) لو قالوا نعم لكفروا .. ورد هذا الوجه بان الاقارير ونحوها مبنية على العرف المتبادر من اللفظ لا على دقائق العربية. ولا فرق فى ذلك بين النحوى وغيره واختار الغزالى فى المستجدل التفصيل بين النحوى وغيره.
ولو قال المتكلم: أقضى الالف الذى لى عليك او اخبرت ان لى عليك الفا. فقال المخاطب فى جوابه: نعم او بلى او أى لفظ بمعنى نعم او اقضى غدا أو امهلنى يوما أو حتى اقعد أو افتح الكيس أو أجد المفتاح. فان هذا الجواب يعتبر اقرارا فى الاصح ويلزم المجيب بالمقر به ان يسلمه ان كان فى يده او ينتقل اليها لان هذا هو المفهوم من هذه الالفاظ … والثانى لا يكون اقرارا لانها ليست صريحة بالالتزام.
قال الاسنوى: وما ذكر من اللزوم فى جوابه بقوله اقضى غدا ونحوه عما عرى عن الضمير العائد على المال المدعى به مردود بل ان يتعين ان يكون ذلك عند انضمام الضمير كقوله: اعطه نحو ذلك. فان اللفظ بدون الضمير محتمل ان يراد به المذكور وغيره على السواء. ولهذا كان مقرا فى قوله: أنا مقر به دون - أنا مقر لوجود الضمير فى الاول دون الثانى ولو قال: كان لك على الف او كانت لك عندى دار لا يعتبر اقرارا لانه لم يعترف فى الحال بشئ والاصل براءة الذمة.
ولو كتب - لزيد على الف او كتبه غيره فقال: اشهدوا على بما فيه لى. لان الكتابة بدون لفظ ليست اقرارا .. ويؤخذ من ذلك أن الكتابة من الاخرس عند القرينة المقره ليست لغوا .. ولو لقن اقرارا او غيره بغير لغته وقال: لم افهمه وامكن عدم فهمه له بان لم يكن له مع اهل تلك اللغة اختلاط صدق بيمينه ..
ولو قال اقررت وانا صبى أو مجنون او مكره .. وامكن الصبا وعهد الجنون او كانت امارة على الاكراه من حبس او ترسيم او نحو ذلك صدق بيمينه لظهور ما قاله. ولان الاصل بقاء ما كان على ما كان. فان لم يكن الصبا ولم يعهد الجنون ولم تكن امارة على الاكراه لم يصدق فى قوله ..
والامارة انما تثبت باعتراف المقر له او بالبينة او باليمين المردودة. فان قامت بينة فى الصور الثلاث يكون المقر حين اقراره بالغا فى الاولى او عاقلا فى الثانية او مختارا فى الثالثة عمل بها ولا يصدق لتكذيبه البينة (١) يراجع الكلام على الصيغة وشروطها.
[الاقرار بالمجهول]
ويصح الاقرار بالمجهول سواء أكان ابتداء أم جوابا عن دعوى لان الاقرار اخبار عن حق سابق .. والشئ يخبر عنه مفصلا تارة ومجملا تارة أخرى اما للجهل به او لثبوته مجملا بوصيته ونحوها أو لغير ذلك ..