للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى والشرح الكبير انه اذا أغمى على بالغ لم يصح أن يحرم عنه رفيقه لأنه بالغ فلم يصر محرما باحرام غيره عنه كالنائم ولو أنه أذن فى ذلك وأجازه لم يصح فمع عدم هذا أولى أن لا يصح (١). وان وقف وهو مغمى عليه أو مجنون ولم يفق حتى خرج منها لم يجزئه وهو قول الحسن والشافعى وأبى ثور، واسحاق بن المنذر رحمهم الله تعالى، وقال عطاء فى المغمى عليه يجزئه وهو قول مالك وأصحاب الرأى وقد توقف أحمد رحمه الله تعالى فى هذه المسألة، وقال الحسن يقول بطل حجه، وعطاء يرخص فيه ذلك لأنه لا يعتبر له نية ولا طهارة، ويصح من النائم فصح من المغمى عليه كالمبيت بمزدلفة، ومن نصر الأول قال هو ركن من أركان الحج فلم يصح من المغمى عليه كسائر أركانه، قال ابن عقيل رحمه الله تعالى:

والسكران كالمغمى عليه لأنه زائل العقل بغير نوم فأشبه المغمى عليه، وأما النائم فيجزئه الوقوف لأنه فى حكم المستيقظ‍ (٢).

وجاء فى كشاف القناع ان الاحرام لا يبطل بالاغماء والموت والسكر كالنوم (٣). وجاء فى شرح منتهى الارادات أنه لا ينعقد احرام مع وجود الجنون أو الاغماء أو السكر لعدم صحة القصد حينئذ (٤). وقال صاحب كشاف القناع:

ومن أحرم فأغمى عليه وخشى فوات الحج ذبح هديا شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة لقول الله عز وجل: «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» (٥) ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه حين احصروا فى الحديبية ان ينحروا ويحلوا.

ويكون الذبح فى موضع حصره سواء كان حلا أو حرما لذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالحديبية وهى من الحل وينوى المحصر بذبح الهدى التحلل وجوبا لحديث انما الأعمال بالنيات «ثم حل من احرامه» (٦).

وجاء فى المغنى أنه اذا كان الرجل مريضا أو محبوسا أو له عذر جاز أن يستنيب من يرمى عنه، قال الأثرم رحمه الله تعالى قلت لأبى عبد الله اذا رمى عنه الجمار يشهد هو ذاك أو يكون فى رحله؟ قال هو ذاك أو يكون فى رحله؟ قال يعجبنى أن يشهد ذاك ان قدر حين يرمى عنه. قلت فان ضعف عن ذلك أيكون فى رحله ويرمى عنه؟ قال نعم، قال القاضى رحمه الله تعالى، المستحب أن يضع الحصى فى يد النائب ليكون له عمل فى الرمى، وان أغمى على المستنيب لم تنقطع النيابة وللنائب أن يرمى عنه كما لو استنابه فى الحج ثم أغمى عليه (٧).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أن من أغمى (٨) عليه فى احرامه أو جن بعد أن أحرم وهو فى عقله فاحرامه صحيح، وكذلك لو أغمى عليه أو جن بعد أن وقف بعرفة ولو طرفة عين أو بعد أن أدرك شيئا من الصلاة بمزدلفة مع الامام فحجه تام لأن الاغماء والجنون لا يبطلان عملا تقدم أصلا ولا جاء بذلك نص أصلا ولا اجماع وليس قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «رفع القلم عن ثلاث، فذكر النائم حتى ينتبه والمبتلى حتى يفيق،


(١) المغنى لموفق الدين أبى محمد عبد الله بن أحمد ابن محمد بن قدامة على مختصر الامام ابن القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقى ج‍ ٣ ص ٢٠٥ فى كتاب أسفله الشرح الكبير على متن المقنع لشمس الدين أبى الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسى الطبعة الأولى طبع مطبعة المنار بمصر سنة ١٣٤٦ هـ‍.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٤٣٤، ص ٤٣٥ نفس الطبعة.
(٣) كشاف القناع عن متن الاقناع للشيخ منصور بن أدريس ج‍ ١ ص ٥٤٨ فى كتاب على هامشه منتهى الادارات للشيخ منصور بن يونس البهوتى.
(٤) شرح منتهى الارادات للشيخ منصور بن يونس البهوتى ج‍ ١ ص ٦٢٧ فى كتاب على هامش كشاف القناع.
(٥) الآية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.
(٦) كشاف القناع ج‍ ١ ص ٦٣١ الطبعة السابقة.
(٧) المغنى ج‍ ٣ ص ٥١٩ الطبعة السابقة.
(٨) المحلى لأبى محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم ج‍ ٧ ص ١٩٢ مسئلة رقم ١٨٦٠.