للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"ومن استمهل: أي طلب المهلة، لدفع بينه أقيمت عليه. بحق أو لحساب ونحوه، كما لو طلب المهلة ليفتش على الوثيقة. أو دفتر الحساب بينهما، أو ليسأل من كان حاضرا بينهما، ليكون على بصيرة في جوابه بإقراره أو إنكاره؛ أو طلب المدعى المهلة لإقامة شاهد ثان، وأبى أن يحلف وقع الأول الذي أقامه. أمهل الطالب بالاجتهاد من الحاكم، ولا يتقيد بجمعة، بكفيل بالمال في جميع ما تقدم؛ ولا يكفى حميل بالوجه أن أبى المطلوب:

وأما لو طلب المدعى إقامة بينة على أصل دعواه، وطلب من المدعى عليه حميلا، فيكفى حميل الوجه اتفاقا. وفيها أيضا: أنه لا يجاب المدعى لحميل بالوجه، وهو الراجع (١) ".

[مذهب الشافعية]

في كتاب "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب":

"فإن لم يحلف المدعى يمين الرد -ولا عذر- سقط حقه في اليمين والمطالبة، لإعراضه عن اليمين، ولكن تسمع حجته .. فإن أبدى عذرا، كإقامة حجة وسؤال فقيه ومراجعة حساب .. أمهل ثلاثة أيام فقط، لئلا تطول مدافعته، والثلاثة مدة مغتفرة شرعا، وهل هذا الإمهال واجب أو مستحب: وجهان.

ولا يمهل خصمه لذلك - أي لعذر - حين يستحلف، إلا برضا المدعى، لأنه مقهور بطلب الإقرار، أو اليمين، بخلاف المدعى.

وإن استمهل الخصم - أي طلب الإمهال - في ابتداء الجواب لذلك. أي لعذر. أمهل إلى آخر المجلس إن شاء المدعى أو القاضي (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء (٣) في الملقى لابن قدامه: إن قال المدعى لى بينة غائبة قال له الحاكم لك يمينه فإن شئت فاستحلفه وإن شئت أخرته إلى أن تحضر ببينتك وليس لك مطالبته بكفيل ولا ملازمته حتى تحضر البينة قضى عليه أحمد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك" فإن أحلفه ثم حضرت بينته حكم بها ولم تكتم يمينه مزيلة للحق لأن اليمين إنما يصار إليها عند عدم البينة فإذا وجدت البينة بطلت اليمين وتبين كذبها. وأن قال لى بينة حاضرة وأريد يمينه ثم أقيم بينتى لم يملك ذلك والدليل وقوله صلى الله عليه وسلم "شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك".

[مذهب الظاهرية]

كل من ادعى على أحد، وأنكر المدعى عليه، فكلف المدعى البينة، فقال: لى بينة غائية. أو قال: لا أعرف لنفسى بينة. أو قال: لا بينة لى. قيل له: إن شئت فدع تحليفه حتى تحضر بينتك، أو لعلك تجد بينة، وإن شئت حلَّفته، وقد سقط حكم بينتك الغائية جملة، فلا يقضى لك بها أبدًا، وسقط حكم كل بينة تأتى بها بعد هذا عليه. ليس لك إلا هذا فقط. فأى الأمرين اختار قضى له به، ولم يلتفت له إلى بينة في تلك الدعوى بعدها، إلا أن يكون تواتر يوجب صحة العلم ويقينه أنه حلف


(١) كتاب الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك، تأليف العلامة أبي البركات أحمد بن محمد أحمد الدردير، طبعة دار المعارف بمصر سنة ١٩٧٤ م ج ٤ ص ٢١٢.
(٢) شرح منهج الطلاب على حاشية البيجرمى تأليف شيخ الإسلام أبى يحيى زكريا الأتصارى المتوفى سنة ٩٢٥ هـ ج ٤ ص ٤٠٤.
(٣) المعنى للعلامة موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمود بن قدامة على مختصر الإمام أبي القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقى والشرح الكبير على متن المقنع للشيخ الإمام شمس الدين أبى الفرج عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن قداحة المقدس ج ١١ ص ٤٥٥ طبع بمطبعة المنار بمصر ١٣٤٠ هـ.