للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والاصل فى ذلك فعل عمر رضى الله تعالى عنه (١)

[طرق اثبات الافلاس]

[مذهب الحنفية]

يثبت الافلاس أمام القاضى باحدى الطرق الآتية: - أولا - البينة يقيمها مدعى الافلاس بعد حبس القاضى له مدة يقدرها باجتهاده ولو يوما على الصحيح. وتقبل حينئذ بالاتفاق وأما اذا أقامها قبل حبسه ففى رواية عن محمد لا تقبل وعليه عامة المشايخ وهو الاصح. لأن هذه بينة على النفى فلا تقبل الا اذا تأيدت بمؤيد وقبل الحبس ما تأيدت فاذا حبس ومضت مدة فقد تأيدت به، اذ الظاهر أن القادر على خلاص نفسه من مرارة الحبس لا يتحملها. وفى رواية عنه أيضا تقبل، وبه كان يفتى ابو بكر محمد بن الفضل، وهو قول اسماعيل بن حماد. وفى كيفية الشهادة على الافلاس قال ابو القاسم الصغار: ينبغى أن يقول الشهود: نشهد أنه مفلس لا نعلم له مالا سوى كسوته التى عليه، وثياب ليله وقد اختبرنا آمره سرا وعلانية. ولا يشترط‍ حضور الدائن عند اقامة البينة على الافلاس وهذا كله اذا لم يقم الدائن البينة على يسار مدعى الافلاس أما اذا أقام كل منهما البينة على ما أدعاه فبينة اليسار أحق بالقبول من بينة الافلاس، لأن اليسار أمر عارض والبينات للاثبات اللهم الا أن يدعى الدائن أنه موسر، وهو يقول: أعسرت بعد ذلك وأقام بينة بذلك فإنها تقدم لأن معها علما بأمر حادث وهو حدوث ذهاب المال - ثانيا: اذا لم يقم المفلس البينة على افلاسه وطلب من الدائن أن يحلف أنه ما يعلم أنه مفلس فإنه يلزمه أن يحلف فإن امتنع من الحلف أطلق القاضى المفلس ولو قبل حبسه ثالثا: يثبت افلاس المديون المشتبه حاله أيضا بسؤال القاضى عن حاله بعد حبسه المدة المذكورة ويسأل جيرانه وأهل الخبرة به ممن يخالطونه فى المعاملات، والواحد يكفى إن كان من أهله الثقة والاثنان أحوط‍ وكيفيته أن يقول المخبر: إن حاله حال المعسرين فى نفقته وكسوته، وحاله ضيقة وقد اختبرنا حاله فى السر والعلانية ولا يشترط‍ فى ذلك لفظ‍ الشهادة ولا حضور الدائن والسؤال هنا لا يجب على القاضى وإنما ينبغى له ذلك احتياطا، لأن الشهادة بالافلاس شهادة بالنفى وهى ليست بحجة فكان للقاضى الا يسأل ويعمل برأيه. وهذا كله فى الديون التى لا يقبل فيها قول المديون ودعواه الافلاس بها، وهو كل دين يكون بدلا عن مال حصل فى يده كالقرض ولو لذمى، والثمن ولو لمنفعة كالاجرة. أو يكون قد التزمه بعقد كالمهر المعجل وبدل الخلع وما لزمه بكفالة لأنه اذا دخل المال فى يده ثبت غناه به وزواله عن الملك محتمل والثابت لا يترك بالمحتمل، ولأن اقدامه عى التزامه ذلك المال باختياره دليل يساره وقدرته على الاداء، لأن العاقل لا يلتزم ما لا قدرة له عليه. فيكون كالمتناقض فى دعواه الفقر لوجود دلالة اليسار. والمراد بالغنى المذكور هو القدرة على قضاء الدين لا ملك النصاب لأن الدين قد يكون دون النصاب فى الزكاة أما ما عدا ذلك من الديون كنفقة القريب والمهر المؤجل وما لزم الشخص حكما لفعله لا لعقد كضمان الاتلاف والغصب فإنه يثبت اعسار المديون بها بمجرد دعواه ذلك مع يمينه ما لم يكذبه ظاهر حالة أو يثبت الدائن بالبينة إن له مالا، لأنه لم توجد دلالة قدرته على أداء الدين المدعى به فيكون القول قول من عليه الدين وعلى المدعى اثبات غناه. وكذلك الحكم اذا ادعى الاعسار بنفقة الزوجة لأن دين النفقة ليس بدين


(١) جوهر النظام ج ١ ص ٣٩٨