للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضهم من بعض يعنى من تلاد ماله دون طارفه وهو ما ورثه من ميت معه وهذا قول من ذكره الامام أحمد وهو قول اياس بن عبد الله المزنى وعطاء والحسن وغيرهم، وحكى ذلك عن ابن مسعود. قال الشعبى: وقع طاعون بالشام فجعل أهل البيت يموتون عن آخرهم فكتب فى ذلك الى عمر رضى الله عنه فكتب عمر: أن ورثوا بعضهم من بعض، وروى عن أبى بكر الصديق وزيد وابن عباس ومعاذ والحسن بن على رضى الله عنهم أنهم لم يورثوا بعضهم من بعض وجعلوا ما لكل واحد للأحياء من ورثته وبه قال عمر بن عبد العزيز وأبو الزناد والزهرى والأوزاعى وغيرهم ويرث كل واحد منهما من الآخر اذا اتفق وراثهم على الجهل بكيفية موتهم لأن مع التداعى تتوجه اليمين على المدعى عليه فيحلف على ابطال دعوى صاحبه ويتوفر الميراث له كما فى سائر الحقوق. بخلاف ما اذا اتفقوا على الجهل فلا تتوجه يمين لأن اليمين لا يشرع فى موضع اتفقوا على الجهل به. واحتج من قال بعدم توريث بعضهم من بعض بما روى سعيد حدثنا اسماعيل بن عباس عن يحيى بن سعيد أن قتلى اليمامة وقتلى صفين والحيرة لم يورثوا بعضهم من بعض وورثوا عصبيتهم الأحياء. وقال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن أم كلثوم بنت على توفيت هى وابنها زيد بن عمر فالتقت الصيحتان فى الطريق فلم يدر أيهما مات قبل صاحبه فلم ترثه ولم يرثها وأن أهل صفين وأهل الحيرة لم يتوارثوا ولأن شرط‍ التوريث حياة الوارث بعد موت الموروث وهو غير معلوم ولا يثبت التوريث مع الشك فى شرطه ولأن الأصل عدم التوريث فلا نثبته بالشك ولأن توريث كل واحد منهما خطأ يقينا لأنه لا يخلو من أن يكون موتهما معا أو سبق أحدهما به وتوريث السابق بالموت والميت معه خطأ يقينا مخالف للاجماع فكيف يعمل به.

قال: وقد احتج بعض أصحابنا بما رواه اياس بن عبد الله المزنى أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن قوم وقع عليهم بيت فقال: يرث بعضهم بعضا والصحيح أن هذا عن اياس نفسه وأنه هو المسئول وليس برواية عن النبى صلى الله عليه وسلم. هكذا رواه سعيد فى سننه وحكاه الامام أحمد عنه وقال أبو ثور وشريح وطائفة من البصريين يعطى كل وارث المتيقن ويوقف المشكوك فيه حتى يتبين الأمر أو يصطلحوا. وقال الخيرى هذا هو الحكم فيما اذا علم موت أحدهما قبل صاحبه، ولم يذكر فيه خلافا وان علم خروج روحهما معا فى حال واحدة لم يرث أحدهما صاحبه وورث كل واحد الاحياء من ورثته، وان علم أن أحدهما مات قبل صاحبه بعينه ثم أشكل أعطى كل وارث اليقين ووقف الباقى حتى يتبين الأمر أو يصطلحوا.

[مذهب الزيدية]

ينقل صاحب البحر الزخار (١) عن العترة أنه إذا غرق قوم أو انهدم عليهم بنيان ولم يعلم ترتيب موتهم ورث الأموات بعضهم من


(١) البحر الزخار ح‍ ٥ ص ٣٦٢، ٣٦٣ الطبعة السابقة.