للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢ - الاشتراك فى جريمة السرقة]

[مذهب الحنفية]

اذا اشترك جماعة فى سرقة فأصاب كل واحد منهم عشرة دراهم قطع كل منهم، لأن الموجب للقطع سرقة النصاب، ويجب القطع على كل واحد منهم بجنايته فيعتبر كمال النصاب فى حقه (١)، وان لم يصب كل واحد منهم نصابا فلا قطع، لأن القطع لكل سارق بسرقته نصابا ولم يوجد فلا يجب الحد (٢).

واذا نقب اللص البيت فدخل وأخذ المال وناوله آخر خارج البيت - عند النقب أو على الباب - فلا قطع عليهما، لاعتراض يد معتبرة على المال المسروق قبل خروج الداخل، والثانى لم يوجد منه هتك الحرز، فلم تتم السرقة من كل واحد، وسواء فى ذلك اخراج الداخل يده الى الخارج أو ادخال الخارج يده.

وعن أبى يوسف رحمه الله ان أخرج الداخل يده وناولها الخارج فالقطع على الداخل وأن ادخل الخارج يده فتناولها من الداخل فعليهما القطع (٣).

وقال الكمال: والوجه أن يقطع الداخل كما روى عن أبى يوسف، لأنه دخل الحرز وأخرج المال منه بنفسه، وكونه لم يخرج كله معه لا أثر له فى ثبوت الشبهة فى السرقة واخراج المال - بمعنى أن ذلك لا يورث شبهة فى السرقة، لأنه هتك الحرز وأخرج المال بالفعل.

وما قيل: ان السرقة تمت بفعل الداخل والخارج ثم الخارج لا يقطع فكذا الداخل - هذا القول - ممنوع بل السرقة تمت بالداخل وحده، وانما تتم بهما اذا أدخل الخارج يده فأخذها وفيه قال أبو يوسف يقطعان.

واذا دخل الحرز جماعة فتولى بعضهم الأخذ قطعوا جميعا، وهذا استحسان

والقياس أن يقطع الحامل وحده وهو قول زفر رحمة الله، لأن الاخراج وجد منه فتمت السرقة به.

ووجه الاستحسان أن الاخراج وان قام به وحده لكنه فى المعنى من الكل، لتعاونهم كما فى السرقة الكبرى.

فاذا باشر بعضهم القتل والأخذ، والباقون وقوف يجب حد قطع الطريق على الكل لنسبة الفعل الى الكل شرعا بسبب معاونتهم، اذ أن قدرة القاتل والآخذ انما هى بهم فكذا هذا، فان السراق يعتادون ذلك فيتفرغ غير الحامل للدفع فكان مثله، ولأن المعتاد فيما بينهم أن يحمل البعض المتاع ويتشمر الباقون للدفع فلو امتنع القطع، لأدى الى سد باب الحد (٤).


(١) الهداية مع الفتح ج ٤ ص ٢٢٥.
(٢) الفتح ج ٤ ص ٢٢٥، ٢٢٦.
(٣) الهداية وفتح القدير ج ٤ ص ٢٤٣.
(٤) الهداية وفتح القدير ج ٤ ص ٢٤٣، ٢٤٤.