للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واذا اشتركوا واتفقوا على فعل السرقة لكن دخل واحد منهم البيت وأخرج المتاع ولم يدخل غيره فالقطع على من دخل البيت، وأخرج المتاع أن عرف بعينه وأن لم يعرف فعليهم التعزير، ولا يقطع واحد منهم وان كان غير الداخل يعين الداخل (١)

وان سرق رجلان ثوبا يساوى عشرة من رجل لم يقطعا، لأن سرقة كل واحد منهما نصف النصاب وأنه عند تعدد السراق لا يصيب كل واحد منهم الا شئ يسير قل ما يرغب فيه، ولا تقطع اليد فى الشئ التافه ..

وان كانت قيمة الثوب بحيث يبلغ نصيب كل واحد من السارقين منه عشرة دراهم فانه يقطع كل واحد منهما، لأن التعاون مما يزيد رغبة السارق فى الاجتراء على السرقة فالحاجة الى شرع الزجر فى هذه الحالة أظهر (٢).

واذا سرق رجلان من رجل ثوبا وأحدهما أب المسروق منه لم يقطع واحد منهما.

أما الأب فللتأول له فى مال ولده بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم - أنت ومالك لأبيك، ولأنه قد يدخل بيته من غير استئذان عادة فلا يكون بيته حرزا فى حقه، والسرقة فعل من السارق.

فاذا امتنع وجوب القطع على أحدهما للشبهة يمتنع وجوبه على الآخر للشركة وهو نظير ما قالوه فى الأب والأجنبى اذا اشتركا فى قتل الولد .. لم يجب القصاص على واحد منهما (٣).

واذا شهد شاهدان على رجلين أنهما سرقا من هذا الرجل ألف درهم وأحد الرجلين غائب قطع الحاضر، وهو قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى الأخير وهو قولهما.

وفى قوله الأول لا يقطع ..

وجه قول الأول: أن الغائب لو حضر ربما يدعى شبهة يدرأ بها القطع عن نفسه وعن الحاضر، فلو قطعنا الحاضر قطعناه مع الشبهة وذا لا يجوز كقصاص مشترك بين حاضر وغائب لا يكون للحاضر أن يستوفيه حتى يحضر الغائب.

ووجه قوله الآخر: أن السرقة ظهرت على الحاضر بالبينة أو بالاقرار فيستوفى الامام حق الله تعالى، وهذا لأن السراق يحضرون وقل ما يحضرون، بل فى العادة يهربون، وبعضهم يوجد، وبعضهم لا يوجد، فلو لم يقطع الحاضر أدى الى سد باب هذا الحد وما من شبهة يدعيها الغائب الا والحاضر يتمكن من أن يدعى ذلك، والشبهة التى يتوهم اعتراضها لا تمنع الاستيفاء فان جاء الغائب بعد ذلك لا يقطع بالشهادة الأولى حتى تعاد تلك البينة عليه أو غيرها


(١) شرح العناية هامش الفتح ج ٤ ص ٢٤٤.
(٢) المبسوط‍ ج ٩ ص ١٤٢.
(٣) المبسوط‍ ج ٩ ص ١٠١.